موضوع عن الشكر فالشكر هو من على المنازل ، وهو فوق منزله الرضا وزياده ،
فالرضا مندرج في الشكر ، ذ يستحيل وجود الشكر بدونه والشكر نصف اليمان ، فاليمان
نصفان : نصف شكر ونصف صبر ، وقد مر الله به ونهى عن ضده ،
وثنى على هله ، ووصف به خواص خلقه ، وجعله غايه خلقه ومره ، ووعد
هله بحسن الجزاء ، وجعله سببا في المزيد من فضله ، وحارسا وحافظا لنعمته .
خبر ن هله منتفعون بياته ، واشتق له اسما من سمائه ، فنه سبحانه هو
الشكور ، وهو يوصل الشاكر لى مشكوره ، بل يعيد الشاكر مشكورا ، وهو غايه
الرب من عبده ، وهله هم القليل من عباده . قال تعالى : ” واشكروا لله
ن كنتم ياه تعبدون” [البقره : 172] ، وقال : ” واشكروا لي ولا تكفرون ” [البقره
: 152] ، وقال عن خليله براهيم عليه السلام ” ن براهيم كان مه قانتا لله
حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لنعمه ” [النحل : 120،121] ، وقال عن نوح
عليه السلام : ” نه كان عبدا شكورا ” [السراء :3] ، وقال تعالى : ” والله خرجكم
من بطون مهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والبصار والفئده لعلكم تشكرون ” [النحل :
78] ، وقال تعالى ” واعبدوه واشكروا له ليه ترجعون ” [العنكبوت :17] ، وقال تعالى “وسيجزي
الله الشاكرين ” [ل عمران:144] ، وقال تعالى ” وذ تذن ربكم لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم
ن عذابي لشديد ” [براهيم :7] ، وقال تعالى : ” ن في ذلك ليات لكل صبار
شكور ” [لقمان :31] ، وسمى نفسه شاكرا وشكورا ، وسمى الشاكرين بهاذين السمين ، فعطاهم
من وصفه وسماهم باسمه ، وحسبك بهذا محبه للشاكرين وفضلا (1).
دب كثير من الناس ن يعرفوا شكر الله تعالى ، بالكلمه المعروفه التي يرددها حدنا
على لسانه في المناسبات : نشكر الله .. نحمد الله ..
فمن اعتاد على ن يكون جوابه عند السؤال عن حاله : الحمد لله ، و
الشكر لله ، و نشكر الله ، فهو عند كثير من الناس يعد شاكرا لله
. وهذا يعني ن جل الناس ، ن لم قل كلهم ، شاكرون لله حامدون
له .
غير ن هذا يتعارض مع قول الله تعالى : ” وقليل من عبادي الشكور ” [سب :13]
.
ذن الشكر الذي يعنيه بيان الله ويمر به ، له معنى خر ، لا ينطبق
على هذه الكلمه التقليديه التي ترددها لسنه الناس حتى الفاسقين منهم ، ربما بدون دراك
لمعناها .
فما معنى الشكر الذي يعنيه بيان الله تعالى ويمر به ؟
هو ن يصرف العبد جميع ما نعم الله به عليه ، لما قد خلق من
جله ، فالشكر ذن ، سلوك وتصرف . وكلمه الشكر لله و نشكر الله ،
تنويه بهذا السلوك وعهد مع الله بتنفيذ مقتضاه . فما ن يطابق سلوكه القول فذاك
، و يخالفه ، فهو ذن كاذب .
ولكن ما معنى ن يصرف النسان جميع ما نعم الله به عليه لما خلق من
جله ؟
معنى ذلك ن يعلم المهمه التي خلقه الله وكلفه بدائها ، ثم يوظف سائر النعم
التي متعه الله بها في تنفيذ تلك المهمه على حسن وجه . فيصرف نعمه العقل
لى معرفه الله ومعرفه وحدانيته والواجبات التي يجب ن يخذ نفسه بها ، مستعينا بالدله
الكونيه الكثيره من حوله ، ويصرف نعمه البصر لى النظر فيما يزيد معرفته بحقائق المور
التي تزيده يقينا بالله وصفاته وبعبوديته ومملوكيته له ، كذلك نعمه السمع ، ونعمه العافيه
، ونعمه المال ، ينبغي ن يوظف هذه النعم كلها ويجندها لتحقيق المهمه التي خلقه
الله لدائها .
ذن لو ن نسانا سخر المال الذي كرمه الله به ، و العافيه التي متعه
بها و سخر غيرهما من النعم الكثيره التي متعه الله بها ، في المحرمات التي
حذره الله منها ، فهو كافر بنعم الله غير شاكر له عليها ، مهما كرر
بلسانه كلمه الحمد لله ، و كلمه الشكر لله .وليس المراد بالكفر الذي يقابل الشكر
، في قوله تعالى ” لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم ن عذابي لشديد ” [براهيم :7] الكفر
الذي يناقض اليمان ، ونما المراد به الكفر الجزئي المتمثل في كفر النعمه ، ي
عدم الاعتراف بفضل الله عليه بها ، ودليل عدم اعترافه ، نه لم يشكرالله المتفضل
عليه ، ذ سخرها لنقيض ما مر الله به وهو المحرمات والمحظورات التي نهاه عنها(2)
.
والناظر في تفسير اليه السابقه يرى هميه الشكر في حياه المسلم وفي خرته .
الشكر سبب المزيد
” لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم ن عذابي لشديد ” [براهيم :7] ي لئن شكرتم نعامي لزيدنكم
من فضلي.
قال الحسن: لئن شكرتم نعمتي لزيدنكم من طاعتي.
قال ابن عباس: لئن وحدتم وطعتم لزيدنكم من الثواب، والمعنى متقارب في هذه القوال؛ واليه
نص في ن الشكر سبب المزيد؛ وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله فقال: لا تتقوى
بنعمه على معاصيه. وحكي عن داود عليه السلام نه قال: ي رب كيف شكرك، وشكري
لك نعمه مجدده منك علي. قال: يا داود الن شكرتني.(3)
ن شكر النعمه دليل على استقامه المقاييس في النفس البشريه ، فالخير يشكر لن الشكر
هو جزاؤه الطبيعي في الفطره المستقيمه ..
هذه واحده .. والخرى ن النفس التي تشكر الله على نعمته ، تراقبه في التصرف
بهذه النعمه . بلا بطر ولا استعلاء على الخلق ، وبلا استخدام النعمه في الذى
والشر والدنس والفساد . وهذه وتلك مما يزكي النفس ويدفعها لى العمل الصالح ، وللتصرف
الصالح في النعمه بما ينميها ويبارك فيها ؛ ويرضى الناس عنها وعن صاحبها ، فيكونون
له عونا ؛ ويصلح روابط المجتمع فتنمو فيه الثروات في مان .(4)
الكفر سبب العذاب الشديد
والكفر بنعمه الله قديكون بعدم شكرها . و بنكار ن الله واهبها ، ونسبتها لى
العلم والخبره والكد الشخصي والسعي ! كن هذه الطاقات ليست نعمه من نعم الله !
وقد يكون بسوء استخدامها بالبطر والكبر على الناس واستغلالها للشهوات والفساد .. وكله كفر بنعمه
الله ..
والعذاب الشديد قد يتضمن محق النعمه . عينا بذهابها . و سحق ثارها في الشعور
. فكم من نعمه تكون بذاتها نقمه يشقى بها صاحبها ويحسد الخالين ! وقد يكون
عذابا مؤجلا لى جله في الدنيا و في الخره كما يشاء الله . ولكنه واقع
لن الكفر بنعمه الله لا يمضي بلا جزاء .
ذلك الشكر لا تعود لى الله عائدته . وهذا الكفر لا يرجع لى الله ثره
. فالله غني بذاته محمود بذاته ، لا بحمد الناس وشكرهم على عطاياه (5).
ونحن واجدون في سيره مولانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من مظاهر
الشكر والحمد لله رب العالمين ما يثير الدهشه .
كان ذا استيقظ من النوم قال :” الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني ” [خرجه الترمذي
] ، وذا انتهى – صلى الله عليه وسلم – من الطعام قال :” الحمد لله
الذي طعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ” [خرجه مسلم] ، وذا عاد من الخلاء قال :” الحمد لله
الذي ذاقني لذته وبقى في قوته ” [رواه السني والطبراني] ، وذا لبس ثوبا جديدا قال: ”
الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوه” [رواه حمد والترمذي]
، وذا عاد من السفر قال : ” يبون تائبون عابدون لربنا حامدون ” [خرجه البخاري ومسلم]
، وكان من دعائه ” رب اجعلني شكارا لك ذكارا” [خرجه بوداود والترمذي] ، وعن المغيره
بن شعبه – رضي الله عنه – قال :صلى رسول الله – صلى الله عليه
وسلم – حتى انتفخت قدماه ، فقيل له: تتكلف هذا وقد غفر الله ماتقدم من
ذنبك وما تخر؟ قال : ” فلا كون عبدا شكورا ” [خرجه البخاري ومسلم] (6)، وعن معاذ
–رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” ني حبك
فقل : اللهم عني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ” [صححه الحاكم ووافقه الذهبي] .(7)
خي …اعلم ن من لم يشكر نعم الله عليه عرضها للزوال :
شكر نعمه المال :
خرج زكاه مالك ، فن لم تجب فيه الزكاه فخرج منه صدقه ، فنها مهما
صغرت وقاء لك من النار ..” اتقوا النار ولو بشق تمره ” .
الطالب يخرج من مصروفه ، والفقير يعطي من هو فقر منه ، والمحتاج يمنح من
عدمته الحاجه ، والغني ولى من ولئك جميعا بالنفاق .
شكر نعمه البصر :
- اجعل لنفسك ساعه كل سبوع تتفكر بها في خلق الله ، و شاهد برنامجا يعالج
هذا المر (العلم واليمان) ، و اخرج في رحله خلويه مع هلك تجعل فيها وقتا
للتدبر (العباده المهجوره) .
ب- اعصر عينيك لتبكي .. اشهد الجنائز لتبكي ..احضر دروس العلم والرقائق لتبكي ..اقر القرن بحزن
لتبكي .. تفكر في ذنوبك لتبكي .
شكر نعمه اللسان :
- لا يزال لسانك رطبا بذكر الله : اشغل لسانك بالذكر في المواصلات ..في الطريق ..في
الشارع ..في وقات الفراغ .. ولا تصرف وقتا في غير فائده .
ب- المر بالمعروف والحث على الخير والدعوه لى الله من عظم عمال اللسان جرا وبركه .
ج- لا تطلب الربح ونت تضيع رس المال : لا تكذب ، لا تغتب ،
لا تشتم ، لا تنم ، لا …
شكر نعمه الولد :
- احرص على ن تحفظ ولادك كتاب الله عزوجل بنفسك و عن طريق محفظ .
ب- اجعل كل سبوع معهم جلسه تربويه تقر معهم فيها كتاب الله – سبحانه وتعالى- وبابا
من بواب السنه (من رياض الصالحين مثلا) ، واخرج بتوصيه عمليه تنفذها معهم خلال السبوع
.
ج- تعهدهم في الصلوات ..” علموهم الصلاه لسبع واضربوهم عليها لعشر ” .
واحرص على اصطحابهم لى المسجد في الصلوات الجامعه ، وبكر معهم للجمعه .
شكر نعمه الزوجه :
- اتفق معها على ن تحفظا من كتاب الله – سبحانه وتعالى- وردا كل سبوع .
ب- اسلها عن صلاتها وقرنها وعلاقتها بربها ، كما تسلها عن حوال بيتها وبنائها .
ج- ترفق معها في النصيحه وتدرج في التنفيذ ، فما كان الرفق في شيء لا
زانه (رفقا بالقوارير) .
شكر نعمه الوقت
- نظم جدولا لعمالك خلال السبوع وحدد وقات الفراغ استعدادا لملئها.
ب- الواجبات كثر من الوقات ، فعاون غيرك على الانتفاع بوقته ، ون كان لك حاجه
فوجز في قضائها .(8)
- موضوع عن الشكر