ما صحه قول الغايه تبرر الوسيله
اصبح الكثير من الناس تبرر تصرفاتها بالتحايل والكذب على اعتبار ان هناك غايه او هدف
يبرر الطريقه التى يصلون بها الى هذا الهدف والبعض يقول ان الهدف النبيل لا يمكن
ان يكون سوي بوسيله نبيله ايضا لهذا اختلف التصنيفان من الاراء وسوف نتحدث عن صحه
قول الغايه تبرر الوسيله.
– اولا : ليس في الشريعه المبدا القائل بان الغايه تبرر الوسيله ، الا بالنسبه للوسائل
المسكوت عنها في الشرع ، اي التي لم يرد المنع منها دليل من الكتاب والسنه
، اما الوسائل التي حرمها الشرع فلا يجوز ان نسلكها لانها غير شرعيه .
– ثانيا : الاحكام الشرعيه وضعها الشارع لتحقيق المصالح والمقاصد الكليه للشريعه ، ولا مجال فيها
لاهواء العوام او انصاف المتعلمين من المفكرين و المثقفين الاسلاميين ، فالشارع الحكيم رسم الطرق
التي توصل الى هذه الغايات لكي تتحقق هذه المقاصد ، ومن ثم لزم ان يكون
المقصد مشروعا والوسيله التي تودي مشروعه .
– ثالثا : الادله التي قد يستدلون بها على جواز الكذب لمصلحه الدعوه ، بدليل الحديث
او الايه على جواز الكذب ، حجه عليهم لا لهم، فالوسيله التي في هذه الادله
هي وسيله شرعيه ورد الدليل على جوازها وتخصيصها في هذه الحالات فقط ، فهذه الوسائل
مشروعه والغايه مشروعه ، فاين وجه الاستدلال بهذه النصوص .
– رابعا : لا يجوز الاستدلال على شرعيه الغايه في جواز كل ما يوصل اليها من
وسائل مع اهمال الادله الشرعيه المانعه من بعض هذه الوسائل ، وجعل الاستثناءات والاحكام العارضه
هي الاصل ويتم تجاهل الاحكام الراتبه والادله الشرعيه ، والا لفتح باب كبير للزنادقه ،
اذ لا يجوز نقض الاصول الاستقرائيه القطعيه من الكتاب والسنه والاجماع ، وابطال للكليات القرانيه
واسقاط الاستدلال بها وتوهين الادله الشرعيه من اجل التلاعب بهذا الدين لاغراض حزبيه بغيضه .
– خامسا : الشريعه اتت بسد الذرائع المفضيه الى المحرمات وذلك عكس باب الغايه تبرر الوسيله
، فهذه القاعده وسيله وباب واسع لانتهاك الكبائر والمحرمات ، وسد الذرائع عكس ذلك ،
فالشارع حرم الذرائع وان لم يقصد بها المحرم لافضائها اليه ، فكيف اذا قصد المحرم
نفسه ؟ فالشارع حرم القطره من الخمر وان لم تحصل بها مفسده الكثير لكون قليلها
ذريعه الى شرب كثيرها ، وحرم الخلوه بالمراه الاجنبيه والسفر بها والنظر اليها من غير
حاجه سدا للذريعه .
– سادسا : قال ابن القيم – رحمه الله – : ” المحرم : ان يقصد
بالعقود الشرعيه غير ما شرعها الله تعالى ورسوله له ، فيصير مخادعا لله تعالى ورسوله
– صلى الله عليه وسلم – كائدا لدينه ، ماكرا بشرعه ، فان مقصوده حصول
الشيء الذي حرمه الله تعالى ورسوله بتلك الحيله ، واسقاط الذي اوجبه بتلك الحيله .
– سابعا : من قصد الوسائل المحرمه واستخدام الحيل للوصول الى الغايه فان الشارع الحكيم قد
ابطل عليه مقصده ، وقابله بنقيضها ، وسد عليه الطرق التي فتحها بالحيله الباطله ،
فالمحتال بالباطل معامل بنقيض قصده شرعا وقدرا ، فالشارع منع الميراث على المتحيل على الميراث
بقتل مورثه ، ونقله الى غيره ، وعاقب من احتال على الصيد من اليهود بان
مسحهم قرده وخنازير ، وعاقب كل من حرص على الولايه والاماره والقضاء بان منعه وحرمه
ما حرص عليه ، كما قال عليه الصلاه والسلام : ” انا لا نولي عملنا
هذا من ساله “قال ابن القيم – رحمه الله _ : ” وهذا باب واسع
جدا عظيم النفع ، فمن تدبره يجده متضمنا لمعاقبه الرب سبحانه من خرج عن طاعته
، بان يعكس عليه مقصوده شرعا وقدرا ، دنيا واخره ، وقد اطردت سنته الكونيه
سبحانه في عباده ، بان من مكر بالباطل مكر به ، ومن احتال احتيل عليه
، ومن خادع غيره خدع ”
– ثامنا : لو كانت الغايه تبرر الوسيله لاستخدمها النبي – صلى الله عليه وسلم –
حتى مع المشركين ، فيكون عدم استخدامها مع المسلمين من باب اولى ، والدليل على
ذلك ان النبي – صلى الله عليه وسلم – اوفى بالعهد الذي اخذته قريش من
حذيفه بن اليمان وابيه –رضي الله عنهما – كما اخرجه مسلم في صحيحه من حديث
حذيفه قال : ” ما منعني ان اشهد بدرا الا اني خرجت انا وابي –
حسيل – فاخذنا كفار قريش ، قالوا : انكم تريدون محمدا ، فقلنا : ما
نريده ، ما نريد الا المدينه ، فاخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن الى المدينه
ولا نقاتل معه ، فاتينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم – فاخبرناه الخبر ،
فقال : انصرفا نفي بعهدهم ونستعين الله عليهم ” فتامل معي شده اهتمامه – صلوات
ربي وسلامه عليه – بالمبادئ واحترامه للعهد ، فما اصعبه في زمن عز فيه الوفاء
حتى مع الذين حملوا رايه الدعوه في سبيل الله ، فاصبحت المصالح الدنيويه هي الميزان
لجميع تعاملاتنا ، فلا حول ولا قوه الى بالله العلي العظيم