عنترة نزار قباني

 

صورة1

 



هذى البلاد شقة مفروشة ، يملكها شخص يسمي عنترة …


يسكر طوال الليل عند بابها ، و يجمع الايجار من سكانها ..


و يطلب الزواج من نسوانها ، و يطلق النار علي الاشجار …


و الاطفال … و العيون … و الاثداء …والضفائر المعطرة …


هذى البلاد كلها مزرعة شخصية لعنترة …


سماوها .. هواوها … نساوها … حقولها المخضوضرة …


كل البنايات – هنا – يسكن بها عنترة …


كل الشبابيك عليها صورة لعنترة …


كل الميادين هنا ، تحمل اسم عنترة …


عنترة يقيم فثيابنا … فربطة الخبز …


و فزجاجة الكولا ، و فاحلامنا المحتضرة …


مدينة مهجورة مهجرة …


لم يبق – بها – فارة ، او نملة ، او جدول ، او شجرة …


لاشيء – بها – يدهش السياح الا الصورة الرسمية المقررة ..


للجنرال عنترة …


فى عربات الخس ، و البطيخ …


فى الباصات ، فمحطة القطار ، فجمارك المطار..


فى طوابع البريد ، فملاعب الفوتبول ، فمطاعم المنزلزا …


و فكل فئات العملة المزورة …


فى غرفة الجلوس … فالحمام .. فالمرحاض ..


فى ميلادة السعيد ، فختانة المجيد ..


فى قصورة الشامخة ، الباذخة ، المسورة …


ما من جديد فحياة هذى المدينة المستعمرة …


فحزننا مكرر ، و موتنا مكرر ،ونكهة القهوة فشفاهنا مكررة …


فمنذ ان و لدنا ،و نحن محبوسون فزجاجة الثقافة المدورة …


ومذ دخلنا المدرسة ،و نحن لاندرس الا سيرة ذاتية و احدة …


تخبرنا عن عضلات عنترة …


و مكرمات عنترة … و معجزات عنترة …


ولا نري فكل دور السينما الا شريطا عربيا مضجرا يلعب فية عنترة …


لا شيء – فاذاعة الصباح – نهتم بة …


فالخبر الاول – بها – خبر عن عنترة …


و الخبر الاخير – بها – خبر عن عنترة …


لا شيء – فالبرنامج الثاني – سوي :


عزف – علي القانون – من مولفات عنترة …


و لوحة زيتية من خربشات عنترة …


و باقة من اردئ الشعر بصوت عنترة …


هذى بلاد يمنح المثقفون – بها – صوتهم ،لسيد المثقفين عنترة …


يجملون قبحة ، يورخون عصرة ، و ينشرون فكرة …


و يقرعون الطبل فحروبة المظفرة …


لا نجم – فشاشة التلفاز – الا عنترة …


بقدة المياس ، او ضحكتة المعبرة …


يوما بزى الدوق و الامير … يوما بزى الكادح الفقير …


يوما علي طائرة سمتية .. يوما علي دبابة روسية …


يوما علي مجنزرة …


يوما علي اضلاعنا المكسرة …


لا احد يجرو ان يقول : ” لا ” ، للجنرال عنترة …


لا احد يجرو ان يسال اهل العلم – فالمدينة – عن حكم عنترة …


ان الخيارات هنا ، محدودة ،بين دخول السجن ،او دخول المقبرة ..


لا شيء فمدينة المائة و خمسين مليون تابوت سوي …


تلاوة القران ، و السرادق الكبير ، و الجنائز المنتظرة …


لا شيء ،الا رجل يبيع – فحقيبة – تذاكر الدخول للقبر ، يدعي عنترة …


عنترة العبسى … لا يتركنا دقائق و احدة …


ف مرة ، ياكل من طعامنا … و مرة يشرب من شرابنا …


و مرة يندس ففراشنا … و مرة يزورنا مسلحا …


ليقبض الايجار عن بلادنا المستاجره

  • عنترة نزار قباني
  • نزار قباني عنترة مكتوبة
  • هفضل جنبك


عنترة نزار قباني