تطويل الشعر ليس من السنة التي يوجر عليها المسلم ؛ اذ هو من امور العادات ، و ربما اطال النبى صلي الله علية و سلم شعرة و حلقة ، و لم يجعل فتطويلة اجرا ، و لا فحلقة اثما ، الا انه امر باكرامة .
فعن ابى هريرة رضى الله عنة ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال : ( من كان له شعر فليكرمة ) . رواة ابو داود (4163) و حسنة الحافظ ابن حجر ف“فتح الباري” (10/368) .
وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كنت ارجل راس رسول الله صلي الله علية و سلم و انا حائض . رواة البخارى (291) .
والترجيل هو تسريح الشعر .
وكان شعرة صلي الله علية و سلم يصل الي شحمة اذنية ، و الي ما بين اذنية و عاتقة ، و كان يضرب منكبية ، و كان – اذا طال شعرة – يجعلة اربع ضفائر .
فعن انس رضى الله عنة ان النبى صلي الله علية و سلم كان يضرب شعرة منكبية . رواة البخارى (5563) و مسلم (2338) .
وقال انس بن ما لك رضى الله عنة : كان شعر رسول الله صلي الله علية و سلم بين اذنية و عاتقة . رواة البخارى (5565) و مسلم (2338) .
وفى رواية عند مسلم : ( كان شعر رسول الله صلي الله علية و سلم الي انصاف اذنية ) .
وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان شعر رسول الله صلي الله علية و سلم فوق الوفرة و دون الجمة . رواة الترمذى (1755) و ابو داود (4187) و صححة الالبانى ف“صحيح الترمذي” .
الوفرة : شعر الراس اذا و صل الي شحمة الاذن .
الجمة : شعر الراس اذا سقط علي المنكبين .
وعن ام هانئ رضى الله عنها قالت : قدم رسول الله صلي الله علية و سلم مكة و له اربع غدائر . رواة الترمذى (1781) و ابو داود (4191) و ابن ما جة (3631) . و الحديث : حسنة ابن حجر ف“فتح الباري” ، و صححة الالبانى ف“مختصر الشمائل” (23) .
والغدائر هى الضفائر .
قال الحافظ ابن حجر رحمة الله :
” و ما دل علية الحديث من كون شعرة صلي الله علية و سلم كان الي قرب منكبية كان غالب احوالة ، و كان قد طال حتي يصير ذوابة و يتخذ منة عقائص و ضفائر كما اخرج ابو داود و الترمذى بسند حسن من حديث ام هانئ قالت : ( قدم رسول الله صلي الله علية و سلم مكة و له اربع غدائر ) و فلفظ : ( اربع ضفائر ) و فرواية ابن ما جة : ( اربع غدائر يعنى ضفائر ) و ذلك محمول علي الحال التي يبعد عهدة بتعهدة شعرة بها و هى حالة الشغل بالسفر و نحوة ” انتهي باختصار . “فتح الباري” (10/360) .
وهذا الامر كان فعرف هذا الزمان مقبولا و متعارفا علية ، فاذا اختلف العرف و كان المسلم فمكان لم يعتد اهلة علية ، او نظروا الي فاعلة علي انه متشبة باهل الفسق ؛ ، فلا ينبغى فعلة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله :
” اطالة شعر الراس لا باس بة ، فقد كان النبى صلي الله علية و سلم له شعر يقرب احيانا الي منكبية ، فهو علي الاصل ، لا باس بة ، و لكن مع هذا هو خاضع للعادات و العرف ، فاذا جري العرف و استقرت العادة بانة لا يستخدم ذلك الشيء الا طائفة معينة نازلة فعادات الناس و اعرافهم ؛ فلا ينبغى لذوى المروءة ان يستخدموا اطالة الشعر حيث انه لدي الناس و عاداتهم و اعرافهم لا يصبح الا من ذوى البيتة السافلة ! فالمسالة اذا بالنسبة لتطويل الرجل لراسة من باب الحاجات المباحة التي تخضع لاعراف الناس و عاداتهم فاذا جري فيها العرف و صارت للناس كلهم شريفهم و وضيعهم ؛ فلا باس بة ، اما اذا كانت لا تستخدم الا عند اهل الضعة ؛ فلا ينبغى لذوى الشرف و الجاة ان يستخدموها ، و لا يرد علي ذلك ان النبى صلي الله علية و سلم – و هو اشرف الناس و اعظمهم جاها – كان يتخذ الشعر لاننا نري فهذة المسالة ان اتخاذ الشعر ليس من باب السنة و التعبد ، و انما هو من باب اتباع العرف و العادة .
“فتاوي نور علي الدرب” .
فما قالة زوجك من كون النبى صلي الله علية و سلم كان له اربع ضفائر : صحيح ، و لكن لا يعنى هذا انه سنة يثاب الانسان عليها ، بل يراعى فذلك عادات الناس ، و ما تعارفوا علية ، و ربما اختلف العرف الان فاكثر البلاد عما كان علية الامر قديما .
قال ابن عبدالبر رحمة الله :
صار اهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم الا الجند عندنا لهم الجمم و الوفرات – جمع جمة و وفرة و سبق بيان معانيها – ، و اضرب عنها اهل الصلاح و الستر و العلم ، حتي صار هذا علامة من علاماتهم ، و صارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء ! و ربما روى عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال : ( من تشبة بقوم فهو منهم – او حشر معهم – ) فقيل : من تشبة بهم فافعالهم ، و قيل : من تشبة بهم فهيئاتهم ، و حسبك بهذا ، فهو مجمل فالاقتداء بهدى الصالحين علي اي حال كانوا ، و الشعر و الحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئا ، و انما المجازاة علي النيات و الاعمال ، فرب محلوق خير من ذى شعر ، و رب ذى شعر رجلا صالحا . “التمهيد” (6/80) .
والخلاصة : انه ينبغى اتباع العرف و العادة فذلك ، حتي لا يعرض المسلم نفسة للسخرية و اغتياب الناس له .
