فعلا اية معناها عظيم , ان بعد العسر يسرا

ان بعد العسر يسر فى هذة الاية خير عظيم ، اذ بها البشارة لاهل الايمان بان للكرب نهاية مهما طال امدة ، و ان الظلمة تحمل فاحشائها الفجر المنتظر . و تلك الحالة من التعاقب بين الاطوار و الاوضاع المختلفة تنسجم مع الاحوال النفسية و المادية لبنى البشر و التي تتارجح بين النجاح و الانكسار و الاقبال و الادبار.

صورة1

 



كما تنسجم مع صنوف الابتلاء الذي هو شرعة الحياة و ميسمها العام . و ربما بثت هذة الاية الامل فنفوس الصحابة – رضوان الله عليهم- حيث راوا فتكرارها توكيدا لوعود الله – عز و جل – بتحسن الاحوال ، فقال ابن مسعود : لو كان العسر فجحر لطلبة اليسر حتي يدخل علية . و ذكر بعض اهل اللغة ان (العسر) معرف بال ، و (يسرا) منكر ، و ان العرب اذا اعادت ذكر المعرفة كانت عين الاولي ، و اذا اعادت النكرة فكانت الثانية =غير الاولى [1] . و خرجوا علي ذلك قول ابن عباس : لن يغلب عسر يسرين [2] .

وفى الاية اشارة بديعة الي اجتنان الفرج فالشدة و الكربة مع ان الظاهر ان الرخاء لا يزامن الشدة ، و انما يعقبها ، و هذا لتطمين ذوى العسرة و تبشيرهم بقرب انجلاء الكرب .


ونحن اليوم احوج ما نكون الي الاستبشار بهذة الاية حيث يري المسلمون العديد من صنوف الاحباطات و الهزائم و الوان القهر و النكد ؛ مما ادي الي سيادة روح – التشاوم و الياس ، و صار الكثيرون يشعرون بانقطاع الحيلة و الاستسلام للظروف و المتغيرات . و افرز ذلك الوضع مقولات ممكن ان نسميها ب ( ادبيات الطريق المسدود ) ! هذة الادبيات تتمثل بالشكوي الدائبة من جميع شيء ، من خذلان الاصدقاء ، و من تامر الاعداء ، من تركة الاباء و الاجداد ، و من تصرفات الابناء و الاحفاد !


وهولاء المتازمون يسلطون اشعة النقد دائما نحو الخارج ؛ فهم فذات انفسهم علي ما يرام ، و غيرهم هو الذي يفعل جميع ما يحدث لهم ! و اذا راوا من يتجة الي الصيغ العملية بعيدا عن الرسم فالفراغ اطفووا حماستة بالقول : لن يدعوك تعلم ، و لن يدعوك تربى ، و لن يدعوك تمسى عملاقا ، و لن يدعوك …


وكل هذا يفضى الي متحارجة (كذا) تنطق بالصيرورة الي العطالة و البطالة ، الي ان ياتى المهدى ، فيكونون من انصارة او يحدث الله – تعالي – لهم من امرة فرجا و مخرجا !

 

ولعلنا نلخص الاسباب الدافعة الي تلك الحالة البائسة فيما يلى :


1- التربية الخاصة الاولي التي يخضع لها الفرد :


وتلك التربية ربما تقوم ببث روح التشاوم و الياس من صلاح الزمان و اهلة ، كما تقوم ببث نوع من العداء بينة و بين البيئة التي ينتمى اليها فاذا ما قطع اسبابة فيها و انعزل شعوريا بحث عن نوع من الانتماء الخاص الي اسرة او بلدة او جماعة حتي ينفى عنة الشعور بالاغتراب . لكن يكتشف ان ما كان يعتقد فية المثالية ، و يتشوق الي تحقيق امالة من خلالة لا يختلف عن غيرة كثيرا ، مما يورثة الاحباط و الياس حيث يفقد الثقة بكل ما حولة و تكون النتيجة البرم و التافف من جميع شيء و ردود الافعال السلبية تجاة التحديات المختلفة .

2- التعامل مع الواقع علي انه كتلة صلدة :


يميل اكثر الناس الي النظرة التبسيطية التي لا تري لكل ظاهرة الا سببا و احدا ، و لا تري فتركيبها الا عنصرا و احدا . و هذة النظرة الخاطئة تفضى الي معضلة منهجية كبري ، هى عدم القدرة علي تقسيم المشكلة موضع المعاناة الي اجزاء رئيسية و اخري ثانوية ، كما تودى الي عدم القدرة علي ادراك علاقات السيطرة فالظاهرة الواحدة ، و عدم القدرة بالتالي علي تغييرها او تبديل مواقعها .


والنتيجة النهائية هى الوقوف مشدوهين امام مشكلة متكلسة مستبهمة لا نري لها بداية و لا نهاية ، و المحصلة النهائية هى الاستسلام للضغوط و انتظار المفاجات ، مع اننا لو باشرنا العمل الممكن اليوم لصار ما هو مستحيل اليوم ممكنا غدا .

3- عدم الانتباة للعوامل الداخلية للمشكلة :


يندر ان نري اليوم ظاهرة كبري لا تخضع فو جودها و اشتدادها و اتجاهها لعدد من العوامل الداخلية و الخارجية ، و يظل العامل الخارجى محدود التاثير ما لم يستطع ازاحة احد العوامل الداخلية و الحلول محلة . و نستطيع ان نطبق هذا علي اية مشكلة كبري نواجهها اليوم . و ربما اشار القران الكريم الي هذة الحقيقة الباهرة حين قال : ] و ان تصبروا و تتقوا لا يضركم كيدهم شيئا [ [ال عمران 120] .


والذى يحدث اننا كثيرا ما نبصر الموثرات الخارجية – و هى موثرات قاهرة حقا – و نغض الطرف عن العوامل الداخلية ؛ فنحن مثلا لا نملك اقناع الاعداء بان يخففوا من غلوائهم فعدائنا ، كما لا يملك بنو البشر جميعا ان يمنعوا الثلوج من التساقط ؛ لكن الذي نستطيعة هو تقوية انفسنا حتي لا نكون لقمة سائغة ، كما يفعل الناس فمواجهة ظروف المناخ . لكن المشكلة ان اصعب نوعيات المواجهات هى مواجهة الذات ، و ان ارقي نوعيات الاكتشاف هى اكتشاف الذات !

صورة2

 



4- عدم ادراك حركة الجدل بين الاحوال :


تتعاقب الاحوال كما يتعاقب الليل و النهار ، و ما بعد راس القمة الا السفح و ما بعد السفح الا القاع . و ان دفع اية قضية الي حدودها القصوي سيودى فالنهاية الي كسر ثورتها او انهائها بصورة تامة . و حين تصل تجربة او نظرية او منهج الي طريق مسدود فان الناس لن يتلبثوا الا قليلا حتي يجدوا المخرج الذي ربما يصبح مناسبا ، و ربما لا يصبح .


وهنا ياتى دور الثلاثى النكد من الاذكياء و العملاء و البلهاء الذين يحاولون – علي اختلاف القصود – عدم و صول اي مشكلة الي مرحلة الانفجار حتي تظل مستمرة الي ما لا نهاية ! و المشكلات فعالمنا الاسلامى لم تدم تلك القرون المتطاولة الا نتيجة الهندسة الاخراجية لذا الثلاثى ! ! و هنا ياتى كذلك دور المفكرين الذين يمتلكون روية نقدية شاملة ينقلون من خلالها مشكلات مجتمعاتهم الي حس الناس و اعصابهم حتي لا يتكيف الناس معها سلبيا ، و حتي يتاح بالتالي تجاوزها .


{ فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا } ، و ان النصر مع الصبر و ان الفرج مع الكرب ، و ان فرحم جميع ضائقة اجنة انفراجها و مفتاح حلها ، و ان لجميع ما نعانية من ازمات حلولا مناسبة اذا ما توفر لها عقل المهندس و مبضع الجراح و حرقة الوالدة .. و علي الله قصد السبيل . 


  • ان يعد العسر يسرا
  • ان بعدالعسر يسرا
  • ان مع العسرcover facebook
  • بعد العسر يسرا
  • بعد العسر يسرا اعراب


فعلا اية معناها عظيم , ان بعد العسر يسرا