قصص رواها الرسول صل الله عليه وسلم
من اجمل ما تقرا وتسفيد مما قرات هى سيره الرسول صل الله عليه وسلم ففيها
الكثير من الاحداث التى مرت بالامه الاسلاميه وفيها احاديث وقصص كثيره فيها الكثير من العبر
والفائده لمن يسمعها وهناك الكثير من الاحاديث التى نعرفها ونحفظها عن الرسول صل الله عليه
وسلم.
في صباح احد الايام بعد صلاه الفجر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث
اصحابه ، ولم يكن فيهم صاحباه العظيمان – الصديق ابو بكر والفاروق عمر – رضي
الله عنهما ، فلعلهما كانا في سريه او تجاره … فقال :
بينما راع يرعى اغنامه ، ويحوطها برعايته اذ بذئب يعدو على شاه ، فيمسكها من
رقبتها ، ويسوقها امامه مسرعا ، فالضعيف من الحيوان طعام القوي منها – سنه الله
في مسير هذه الحياه – وتسرع الشاه الى حتفها معه دون وعي او ادراك ،
فقد دفعها الخوف والاستسلام الى متابعته ، وهي لا تدري ما تفعل . ويلحق الراعي
بهما – وكان جلدا قويا – يحمل هراوته يطارد ذلك المعتدي مصمما على استخلاصها منه
… ويصل اليهما ، يكاد يقصم ظهر الذئب . الا ان الذئب الذي لم يسعفه
الحظ بالابتعاد بفريسته عن سلطان الراعي ، وخاف ان ينقلب صيدا له ترك الشاه وانطلق
مبتعدا مقهورا ، ثم اقعى ونظر الى الراعي فقال :
ها انت قد استنقذتها مني ، وسلبتني اياها ، فمن لها يوم السبع؟ !! يوم
السبع ؟!! وما ادراك ما يوم السبع ؟!! انه يوم في علم الغيب ، في
مستقبل الزمان حيث تقع الفتن ، ويترك الناس انعامهم ومواشيهم ، يهتمون بانفسهم ليوم جلل
، ويهملونها ، فتعيث السباع فيها فسادا ، لا يمنعها منها احد . .. ويكثر
الهرج والمرج ، ويستحر القتل في البشر ، وهذا من علائم الساعه .
قال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متعجبين من هذه القصه ، ومن حديث
الذئب عن احداث تقع في اخر الزمان ، ومن فصاحته ، هذا العجب بعيد عن
التكذيب ، وحاشاهم ان يكذبوا رسولهم !! فهو الصادق المصدوق ، لكنهم فوجئوا بما لم
يتوقعوا ، فكان هذا الاستفهام والتعجب وليد المفاجاه لامر غير متوقع :
انك يا سيدنا وحبيبنا صادق فيما تخبرنا ، الا ان الخبر الجم افكارنا ، وبهتنا
فكان منا العجب .
ذكر ابن مسعود رضي الله عنه انه سمع من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
ان بني اسرائيل استخلفوا خليفه عليهم بعد النبي موسى عليه السلام ، فكان هذا الملك
رجلا صالحا يعمل جهده نهارا في خدمه رعيته ، ويقوم الليل تعبدا لله سبحانه وتعالى
. فقام مره يصلي فوق بيت المقدس في ليله مقمره ، صفت فيها السماء ،
وسبحت فيها اشعه البدر الفضيه ، وتلالات النجوم في كبدها ، فازدادت بهاء وجمالا ،
وبدا يحاسب نفسه ، ويعرض عليها ما فعل في خدمه دينه و ابناء ملته ،
ويقارن بين ما فعله ، وما يستطيع فعله ، وما يجب ان يفعله ، فوجد
نفسه مقصرا في واجباته نحوهم ، ولم يجد الجراه ان يقول لهم : اختاروا غيري
، فانا لا اصلح لكم ، فلربما حسبوا ذلك منه صلاحا ، فابوا عليه رغبته
، وازدادوا به تمسكا ، وقد يعتزل في بيته ، فلا يقبلون منه ذلك ،
ويصرون على عودته ، ولا يفرطون به ، وقد يخرج عنهم الى احدى القرى متعبدا
منعزلا ، فيتبعونه ، ولا يقيلونه . .. ماذا يفعل ؟ .. فكر ، وقلب
الامور ، فهداه تفكيره الى الهروب بعيدا حيث لا يعرفه احد .. ولكن الجنود يحيطون
به ويحمونه ؛. فاذا خرج خرجوا معه ، واذا اصر ان يمشي وحده تبعوه من
بعد خوفا عليه ، فلا مجال للهرب من الباب … نظر حوله ، فراى حبلا
، ربطه في سقف المسجد ، وتدلى على الارض ، وانطلق دون ان يشعر به
احد .. ولم يكتشف حرسه ما فعل الا صباحا حين استاخروه ، فصعدوا سقف المسجد
فوجدوا الحبل ، ولم يجدوه ….
اسرع متخفيا الى ان وصل الى بلده على شاطئ البحر ، فوجد بعض اهلها يضربون
في الرمل لبنا ، فاذا جف صار قطعا صلبه يبنى الناس بها بيوتهم ، فقال
لهم : علموني صنعتكم ، فاعمل معكم ، فانا غريب . قالوا : على الرحب
والسعه ، وصار يعمل معهم ، وياكل من كسب يده . ..
وانس الناس به ، الا انهم راوا منه عجبا ، فقد كان اذا حضرت الصلاه
قام يصلي … ماذا يفعل الرجل ؟ ! انه يقوم بحركات لا يعرفونها ، ويتلو
مالا يفهمون ! ..
لم يكن الملك الزاهد يتخفى حين يصلي ويعبد الله تعالى ، ولم يكن يخجل وهو
في بلاد الغربه ان يخالف الناس فيما يعتقدون ! انه ما ترك الملك وهرب منه
الا ليعبد الله عز وجل دون ان يتحمل – على ضعفه – مسووليه غيره ،
لكنه قوي في الجهر بعقيدته ودينه ! لا يخاف من احد .. هو على حق
، وصاحب الحق داعيه في خلقه وفي عبادته ، يجهر بها ، ويدعو اليها .
لا يخشى مغبه امره ، والداعيه كتاب مفتوح يقروه الجميع ، فيرون فيه الفضيله والاسوه
الحسنه والصواب ، فيتبعونه .
رفع العمال الى كبيرهم حاكم البلده ما راوه وما يرونه من هذا الغريب الزاهد المتعبد
، يصفون له ما يفعله ذلك الرجل الكريم الخلق . فارسل اليه ان ياتيه ،
فابى ان يجيب . طلبه الى مقابلته مرات ثلاثا ، فاعرض عن اجابته .
كان عليه – وهو الداعيه – ان يلبي طلبه ويعرض عليه دينه ، فعسى ان
يدخل فيه ، وكان عليه ان يقابله ويجيب عن اسئلته ، ويوضح له ما استغلق
عليه وعلى عماله . لكن نقطه الضعف فيه ، هذه التي جعلته يهرب من بلده
، وينسل مبتعدا عن رعيته تاركا واجبه تجاههم بعد ان وثقوا به ، وسنموه مسووليتهم
هي التي جعلته يخطئ مره ثانيه فيابى الذهاب الى حاكم البلده .
فماذا يفعل حاكم البلده العاقل ؟ .. جاء بنفسه .. جاء تحمله دابته .. فلما
راه الرجل فر ، فاتبعه ، فاسرع هاربا ، فلما سبقه ناداه الحاكم : يا
هذا ، انتظر ولا تخف . لا اريد بك سوءا .. دعني اكلمك ! ..
فلما راى الرجل انه لا بد من الاجابه توقف حتى كلمه ، وقص عليه خبره
ز ولم يخف عنه انه كان ملكا ، وانه فر من الله الى الله خوفا
ان يحمل تبعه الحكم الثقيله ، فهو ليس اهلا لذلك ، فقد يخطئ ويظلم ،
والظلم ظلمات يوم القيامه .
وقر في قلب الرجل الاخر ما قاله الاول ، وقال له : اني لاظنني لاحقا
بك ، سائرا على منوالك ،انا مثلك يا اخي ، شغلتني الدنيا والعمل لها عن
عباده ربي ، فانقطعت لها ، وكدت انساه ، ما انت باحوج الى ما صنعت
مني . … خذني معك ، فانا منك وانت مني .. لسنا من اهل هذه
الدنيا الفانيه ، والعاقل يعمل للحياه الباقيه .. هناك عند من لا يخيب سائله ،
ولا يضيع للعبد وسائله ، في كنف الله الكريم ..
نزل الرجل عن دابته ، تركها لمن يريدها ، ثم تبع صاحبه الذي راى فيه
الاخلاص لله تعالى ، والحب العميق لما عند الله .. تاخيا في الله .. والحب
في الله .. والتاخي فيه ذروه الانسانيه ، وقمه السمو ، ان السبب الذي يربطهما
خالد ابدي ، ليس لهوى النفس فيه مكان … تنقطع جميع الاسباب الدنيويه ، ويبقى
الحب في الله والاخوه فيه قويه متصله ، دائمه النماء ، يرويها النبع الثر على
مر مدى الايام ..
انطلقا يعبدان الله تعالى ، فعرفا طعم العبوديه الرائق ، وعاشا في رحابها ما شاء
الله لهما ان يعيشا ، وسالا الله تعالى ان يميتهما متجاورين اخوين في الدنيا والاخره
.
قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : ماتا برميله مصر ، لو كنت هناك
لاريتكم قبريهما … فقد وصفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانني اراهما راي
العين