تفسير الامساك لامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب وغيرهما من طلوع الفجر الى غروب الشمس
فالسحور سنه نبينا – صلى الله عليه وسلم- وفيه تقويه للصائم على الصوم وبالحرص على
السحور ندرك الدقائق الغاليه حيث قرب الزمان والمكان من الله تعالى ويبدا السحور من منتصف
الليل وينتهي بتيقن طلوع الفجر ومن ثم فتحديد وقت للمساك قبل الفجر بدقائق هذا لا
اساس له من الصحه.
مما سنه النبي صلى الله عليه وسلم للصائم ان يتسحر ون يؤخر السحور.
والسحور: ما يؤكل في السحر اي بعد منتصف الليل الى الفجر وراد بذلك ان يكون
قوه للصائم على احتمال الصيام وجوعه وظمئه وخصوصا عندما يطول النهار.
ولذا قال: “تسحروا فن في السحور بركه” (متفق عليه اللؤلو والمرجان -665).
وفيه تمييز كذلك لصيام المسلمين عن غيرهم وفي الصحيح: “فصل ما بين صيامنا وصيام اهل
الكتاب: اكله السحر” (مسلم -1096 وبو داود (2343) والنسائي (2168) والترمذي (907) عن عمرو بن
العاص).
والصل في السحور ان يكون طعاما يؤكل ولو شيئا من التمر ولا فدنى ما يكفي
شربه من ماء.
روى ابو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: “السحور كله بركه فلا تدعوه
ولو ان يجرع احدكم جرعه من ماء فن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين”
(قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه احمد وسناده قوي. وحسنه اللباني في صحيح الجامع الصغير
(3683) عند ابن حبان (883 884) عن حديث ابن عمر: “تسحروا ولو بجرعه ماء”).
ومن بركه السحور:.
نه – بجوار ما يهيئه للمسلم من وجبه ماديه – يهييء له وجبه روحيه بما
يكسبه المسلم من ذكر واستغفار ودعاء في هذا الوقت المبارك وقت السحر الذي تنزل فيه
الرحمات عسى ان يكون من المستغفرين بالسحار.
ومن السنه تخير السحور تقليلا لمده الجوع والحرمان قال زيد بن ثابت: تسحرنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم ثم قمنا الى الصلاه فسله انس: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين
ايه (متفق عليه اللؤلو والمرجان -666).
وقوله تعالى: (فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط السود من الفجر) تفيد
جواز الكل الى ان يتبين الفجر.
ومن شك هل طلع الفجر ام لا جاز له ان يكل ويشرب حتى يستيقن وهكذا
قال حبر المه ابن عباس: كل ما شككت حتى تستيقن.
ونقله ابو داود عن المام احمد: انه يكل حتى يستيقن طلوعه.
بل روى احمد والنسائي وابن ماجه عن حذيفه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكان النهار الا ان الشمس لم تطلع (ذكره ابن كثير في تفسيره -222/1).
وحمله النسائي على ان المراد قرب النهار.
عن ابي هريره مرفوعا: “ذا سمع احدكم النداء والناء على يده فلا يضعه حتى يقضي
حاجته منه” (رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي 426/1).
وعن عائشه: ان بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلوا
واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم: فنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر” (البخاري في الصوم).
قال ابن كثير: (وقد روي عن طائفه كثيره من السلف: انهم تسامحوا في السحور عند
مقاربه الفجر روي مثل هذا عن ابي بكر وعمر وعلى وابن مسعود وحذيفه وبي هريره
وابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وعن طائفه كثيره من التابعين منهم محمد بن
علي بن الحسين وبو مجلز وبراهيم النخعي وبو الضحى وبو وائل وغيره من اصحاب ابن
مسعود وعطاء والحسن والحكم بن عيينه ومجاهد وعروه بن الزبير وبو الشعثاء جابر بن زيد
وليه ذهب العمش وجابر بن راشد) (تفسير ابن كثير -222/1 ط. عيسى الحلبي)).
ومن هنا نعلم ان المر في وقت الفجر ليس بالدقيقه والثانيه كما عليه الناس اليوم
ففي المر سعه ومرونه وسماحه كما كان عليه الكثير من السلف الصالح من الصحابه والتابعين.
وما تعوده كثير من المسلمين من المساك مده قبل الفجر من قبيل الاحتياط مخالف لهدي
النبي صلى الله عليه وسلم وصحابه وكتابه ذلك في الصحف والتقاويم والمساكيات مما ينبغي ان
ينكر.
قال الحافظ ابن حجر: (من البدع المنكره ما احدث في هذا الزمان من ايقاع الذان
الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعه في رمضان وطفاء المصابيح التي جعلت علامه لتحريم الكل
والشرب على من يريد الصيام زعما ممن احدثه انه للاحتياط في العباده ولا يعلم بذلك
الا احاد الناس. وقد جرهم ذلك الى ان صاروا لا يؤذنون الا بعد الغروب بدرجه
لتمكين الوقت – زعموا – فخروا الفطور وعجلوا السحور وخالفوا السنه فلذلك قل عنهم الخير
وكثر الشر والله المستعان)! (فتح الباري -102/5 ط. الحلبي )
- تفسير روءا الامساك