مولد النبوى 2024 , حكمه و معلومات

رساله ” حكم الاحتفال بالمولد النبوي “

الشيخ المام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله

 
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
ما بعد :
فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم والقيام
له في اثناء ذلك ولقاء السلام عليه وغير ذلك مما يفعل في الموالد .

والجواب ان يقال :
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره ؛ لن ذلك من
البدع المحدثه في الدين ؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا خلفاؤه
الراشدون ولا غيرهم من الصحابه رضوان الله على الجميع ولا التابعون لهم بحسان في القرون
المفضله وهم اعلم الناس بالسنه وكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعه لشرعه
ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ” من احدث في
امرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” اي : مردود عليه وقال في حديث
اخر : ” عليكم بسنتي وسنه الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ وياكم ومحدثات المور فن كل محدثه بدعه وكل بدعه ضلاله ” .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من احداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا ) ( سوره الحشر : 7 ) وقال عز وجل : ( فليحذر
الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنه او يصيبهم عذاب اليم ) ( سوره النور
: 63 ) وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه
لمن كان يرجوا الله واليوم الخر وذكر الله كثيرا ) ( سوره الحزاب : 21
) وقال تعالى : ( والسابقون الولون من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بحسان رضي الله
عنهم ورضوا عنه وعد لهم جنات تجري تحتها النهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم
) ( سوره التوبه : 100 ) وقال تعالى : ( اليوم اكملت لكم دينكم
وتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلام دينا ) ( سوره المائده : 3 ) .

واليات في هذا المعنى كثيره .
وحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : ان الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه المه
ون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للمه ان تعمل به حتى
جاء هؤلاء المتخرون فحدثوا في شرع الله ما لم يذن به زاعمين : ان ذلك
مما يقربهم الى الله وهذا بلا شك فيه خطر عظيم واعتراض على الله سبحانه وعلى
رسوله صلى الله عليه وسلم والله سبحانه قد اكمل لعباده الدين وتم عليهم النعمه .

والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ولم يترك طريقا يوصل الى الجنه
ويباعد من النار الا بينه للمه كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمرو
رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما بعث الله
من نبي الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم
شر ما يعلمه لهم ” رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم ان نبينا صلى الله عليه وسلم هو افضل النبياء وخاتمهم وكملهم بلاغا ونصحا فلو
كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم
للمه او فعله في حياته او فعله اصحابه رضي الله عنهم فلما لم يقع شيء
من ذلك علم انه ليس من السلام في شيء بل هو من المحدثات التي حذر
الرسول صلى الله عليه وسلم منها امته كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد
جاء في معناهما احاديث اخر مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبه الجمعه :
” اما بعد : فن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله
عليه وسلم وشر المور محدثاتها وكل بدعه ضلاله ” رواه المام مسلم في صحيحه .

واليات والحاديث في هذا الباب كثيره .
وقد صرح جماعه من العلماء بنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملا بالدله المذكوره وغيرها .

وخالف بعض المتخرين فجازها اذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكاختلاط النساء بالرجال واستعمال الات الملاهي وغير ذلك مما ينكره
الشرع المطهر وظنوا انها من البدع الحسنه .
والقاعده الشرعيه : رد ما تنازع فيه الناس الى كتاب الله وسنه رسوله محمد صلى
الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( ييها الذين ءامنوا اطيعوا الله وطيعوا الرسول وولي
المر منكم فن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم
الخر ذلك خير وحسن تويلا ) ( سوره النساء : 59 ) وقال تعالى :
( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله ) ( سوره الشورى : 10
) .
وقد رددنا هذه المسله وهي الاحتفال بالموالد الى كتاب الله سبحانه فوجدنا يمرنا باتباع الرسول
صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ويخبرنا بن الله سبحانه
قد اكمل لهذه المه دينها وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه
وسلم فيكون ليس من الدين الذي اكمله الله لنا ومرنا باتباع الرسول فيه وقد رددنا
ذلك ايضا الى سنه الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها انه فعله ولا
امر به ولا فعله اصحابه رضي الله عنهم فعلمنا بذلك انه ليس من الدين بل
هو من البدع المحدثه ومن التشبه بهل الكتاب من اليهود والنصارى في اعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له ادنى بصيره ورغبه في الحق ونصاف في طلبه ان الاحتفال
بالموالد ليس من دين السلام بل هو من البدع المحدثات التي امر الله سبحانه ورسوله
صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل ان يغتر بكثره من يفعله من الناس في سائر القطار فن الحق
لا يعرف بكثره الفاعلين ونما يعرف بالدله الشرعيه كما قال تعالى عن اليهود والنصارى :
( وقالوا لن يدخل الجنه الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا
برهانكم ان كنتم صادقين ) ( سوره البقره : 111 ) وقال تعالى : (
ون تطع اكثر من في الرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سوره النعام :
116 ) .
ثم ان غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعه لا تخلو من اشتمالها على منكرات
اخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال واستعمال الغاني والمعازف وشرب المسكرات والمخدرات وغير ذلك من الشرور
وقد يقع فيها ما هو اعظم من ذلك وهو الشرك الكبر وذلك بالغلو في رسول
الله صلى الله عليه وسلم او غيره من الولياء ودعائه والاستغاثه به وطلبه المدد واعتقاد
انه يعلم الغيب ونحو ذلك من المور الكفريه التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم
بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالولياء .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : ” اياكم والغلو
في الدين فنما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ” وقال صلى الله عليه
وسلم : ” لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم انما انا عبده فقولوا
: عبد الله ورسوله ” اخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه
.
ومن العجائب والغرائب : ان الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعه
ويدافع عنها ويتخلف عما اوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ولا يرفع بذلك رسا
ولا يرى انه اتي منكرا عظيما ولا شك ان ذلك من ضعف اليمان وقله البصيره
وكثره ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي نسل الله العافيه لنا ولسائر المسلمين
.
ومن ذلك : ان بعضهم يظن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد
؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين وهذا من اعظم الباطل وقبح الجهل فن الرسول صلى
الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامه ولا يتصل بحد من الناس
ولا يحضر اجتماعاتهم بل هو مقيم في قبره الى يوم القيامه وروحه في اعلى عليين
عند ربه في دار الكرامه كما قال الله تعالى في سوره المؤمنون ( 15 16
) : ( ثم انكم بعد ذلك لميتون * ثم انكم يوم القيامه تبعثون )
.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” انا اول من ينشق عنه القبر يوم
القيامه ونا اول شافع وول مشفع ” عليه من ربه افضل الصلاه والسلام .
فهذه اليه الكريمه والحديث الشريف وما جاء في معناهما من اليات والحاديث كلها تدل على
ان النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الموات انما يخرجون من قبورهم يوم القيامه
وهذا امر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم فينبغي لكل مسلم التنبه
لهذه المور والحذر مما احدثه الجهال وشباههم من البدع والخرافات التي ما انزل الله بها
من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوه الا به .
ما الصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من افضل القربات ومن
العمال الصالحات كما قال تعالى : ( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها
الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ( سوره الحزاب : 56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” من صلى علي واحده صلى الله عليه
بها عشرا ” وهي مشروعه في جميع الوقات ومتكده في اخر كل صلاه بل واجبه
عند جمع من اهل العلم في التشهد الخير من كل صلاه وسنه مؤكده في مواضع
كثيره منها بعد الذان وعند ذكره عليه الصلاه والسلام وفي يوم الجمعه وليلتها كما دلت
على ذلك احاديث كثيره .
والله المسؤول ان يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ون يمن على الجميع
بلزوم السنه والحذر من البدعه انه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وله وصحبه  .