موضوع حول العولمه فهاهي الاحداث تتسارع ، و الامم تتصارع ، و مع كل اشراقه
تجلي لنا الاحداث شيئا من امرها ، و تبسط لنا الوقائع شيئا من خبرها ،
و السعيد من عاش مع زمانه ، ووقف على ظواهره و احداثه ، و تعلم
مما سلف من اخبار الاقوام و الامم فهذه ظاهره من ظواهر الحياه و التاريخ نقف
معها متاملين ، و لخبرها طالبين ، و من محاسنها اخذين ، و من مساوئها
حذرين .
نعرضها على ميزاننا الثابت الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه و من خلفه لننظر
بعد هذا ماذا نعمل و كيف نعمل ، فالعولمه مع وضوحها للكثيرين ، الا انها
لازالت مشوبه ببعض الغموض ، و هنا نجلي بعض الامور عن هذه الظاهر لاستفيد منها
اولا ، و يستفيد منها من رام الفائده فما كان من صواب فمن الله و
حده ، و ما كان من خطا فمن نفسي و من الشيطان .
تعريف العولمه لغه :
العولمه ثلاثي مزيد، يقال: عولمه، على وزن قولبه، واللفظ مشتق من العالم، والعالم جمع لا
مفرد له كالجيش والنفر، وهو مشتق من العلامه على ما قيل، وقيل: مشتق من العلم،
وذلك على تفصيل مذكور في كتب اللغه.
فالعولمه كالرباعي في الشكل فهو يشبه (دحرجه) المصدر، لكن (دحرجه) رباعي منقول، اما (عولمه) فرباعي
مخترع ان صح التعبير .
فان هناك جماعه من اللغويين يقولون بجواز اختراع الفاظ وكلمات في اللغه العربيه على وزان
الالفاظ والكلمات الموجوده فيها، كما يقولون بجواز الزياده والنقيصه على حسب الزوائد او النقائص اللغويه
الاخرى، مثل: صرف الباب الثلاثي الى باب الانفعال، او التفعيل، او المفاعله، او الاستفعال، وكذلك
ابواب الرباعيات ونحوها، فانه كما يقال: عولمه، يقال: تعولمنا، وتعولمت، وتعولمت البلاد وهكذا، من قبيل
تدحرجنا، وتدحرجت، وتدحرجت الكرات وما اشبه ذلك. و العولمه على ما سبق مشتق من العالم،
اي: صرنا عالميين (1).
و هذه الظاهره اشتهرت بهذا اللفظ ، و الا فلها مرادفات من الالفاظ قد اطلقها
بعض العلماء على هذه الظاهره و يرى د. صبري حافظ ان الصوره الجنينيه الاولى لمصطلح
العولمه هو تعبير “القريه الكونيه ” ” Global village والذي صاغه مارشال ماكلوهان في اواخر
الخمسينات، فقد اهتم ماكلوهان ببلوره فكره تقليص سرعه حركه المعلومات للمسافات الجغرافيه في كرتنا الارضيه
التي تحولت الى مجرد قريه واحده يعرف كل شخص فيها ما يدور في اي مكان
بها وعلاقه تغير مفهومنا للزمن وللمكان بتغير مفهومنا للثقافه وللانسان ذاته، وبفتح افاق جديده امام
الانسان بما يترتب عليها من بلوره لطاقات جديده واقتحام لمجالات لم يسمع فيها وقع لقدم
بشريه من قبل(2) .
و هناك – كما اسلفنا – من ترجم هذه الكلمه ” Global village” الى غير
العولمه ، و من هنا اختلفت التعاريف اللغويه لهذه الكلمه لدى المفكرين و الباحثين و
الكتاب و تنوعت الصيغ في التعريف مثل :
-الكوننه او الكونيه نسبه الى الكون ، وهو في العرف الفكري المعاصر : العالم المشهود
بجماداته و نباتاته و *****اته و اناسيه .
-الكوكبيه . نسبه الى كوكب الارض .
-العالميه : نسبه الى العالم . وهو ايضا في العرف الفكري : العالم المشهود .
-الكلويه : نسبه الى الكل ، اي جميع الناس على هذه الارض
-و بعضهم ما زال يسميها بالاسم الذي راج في اوائل التسعينات وهو: النظام العالمي الجديد
-و هناك كثير من الكتاب يسمونها بوصف هو نتيجه حكم عليها لديهم وهو : الامركه
. (3)
تعريف العولمه اصطلاحا:
العولمه ظاهره من الظواهر الكبرى ذات الابعاد و التجليات المتعدده ، و الظواهر الكبرى توصف
اكثر مما تعرف ، كما يقول احد الفلاسفه : ” ان كل ما ليس له
تاريخ لا يمكن ان يعرف تعريفا مفيدا ” و العولمه مما ينطبق عليه ذلك الى
حد بعيد
و لهذا كثرت تعاريف العولمه و اصبحت تمثل روى شخصيه ، فكل يدلي بما عنده
من العولمه ، و يصوغ ما يشاء من التعاريف بناء على مشاهداته و معلوماته عن
هذه الظاهره سواء التاريخيه او من خلال التجارب الشخصيه .(4)
فعلى الرغم من كثره الكتابات عن ظاهره العولمه و و تنوع الاطروحات في الاساليب و
المجالات ، التتي تتناول العولمه الا انها لا تزال غامضه لدى الكثيرين ، بل ينعكس
قد الامر فلا يزيد المثقفون الناس الا تعميه بها .
ففي ابريل عام ( 1998م ) عقد موتمر فكري بالقاهره لمده خمسه ايام عن العولمه
و قضايا الهويه الثقافيه ، و على الرغم من البحوث و المداخلات الكثيره الا ان
الموتمر انتهى – كما تقول احد التحقيقات عنه – و كل واحد يفهم العولمه بغير
ما يفهمها الاخر ، و كل وقف عند فهمه و قد قال احد المعلقين في
الموتمر : لقد خرجنا من الموتمر باسئله اكثر مما دخلنا فيه ، و بحيره اكثر
عن العولمه .(5)
و هنا يمكن ان نسوق عددا من التعاريف التي قد تقرب الصوره ، و توضع
بعض الملامح لهذه الظاهره . حيث قيل من ضمن التعاريف :
-المجتمع الاسلامي الواحد ، و صيروره العالم واحدا .
-ان يصب كل في اخر .
-اختراق ثقافات الامم الضعيفه و احتلالها من قبل ثقافات القوى الكبرى .
-التبادل الثقافي و التجاري و غيرها للتقارب و الاستفاده المتبادله .
-سياده النمط الغربي في الثقافه و الاقتصاد و الحكم و السياسه في المجتمعات البشريه كلها
.
-تدفقات و موجات تخترق الحدود السياسيه و الوطنيه و الهياكل الاقتصاديه و المقومات الثقافيه و
انماط التفكير و السلوكيات الخاصه بالشعوب و الحضارات المختلفه .
-التداخل الواضح لامور الاقتصاد و السياسه و الاجتماع و الثقافه دون اعتداد يذكر للحدود السياسيه
للدول ذات السياده و الانتماء الى وطن محدد او لدوله معينه ، او دون حاجه
الى اجراءات حكوميه .
-زياده الارتباط المتبادل بين المجتمعات الانسانيه ، من خلال عمليات انتقال السلع و رووس الاموال
و تقنيات الانتاج و الاشخاص و المعلومات .
-نظام عالمي يقوم على العقل الالكتروني و الثوره المعلوماتيه القائمه على المعلومات و الابداع التقني
غير المحدود ، دون اعتبار للانظمه و الحضارات و الثقافات و القيم و الحدود الجغرافيه
و السياسيه القائمه في العالم .
فالتعاريف كثيره ، و بجمعها تتبين لقارئ ملامحها او قدرا كبيرا من ملامحها او اهدافها
، يقول الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الزنيدي :
غايه ما يمكن قوله هنا عن العولمه بصفتها ظاهره معاصره نعيشها في نهايه هذا العقد
انها : توجه و دعوه تهدف الى صياغه حياه الناس لدى جميع الامم و مختلف
الدول وفق اساليب و مناهج موحده بين البشر
و اضعاف الاساليب و المناهج الخاصه ، و بالذات ما يخالف تلك الصياغه “(69) و
هذه الصياغه تتم عن طريق و سائل سناتي عليها ان شاء الله في الحدث عن
مظاهر العولمه .
نشاه العولمه و تطورها :
يرى الباحثون الذين تحدثوا عن نشاه العولمه ان العولمه عمليه تراكميه ، اي ان هناك
عولمات صغيره سبقت ومهدت للعولمه التي نشهدها اليوم ، والجديد فيها هو تزايد وتيره تسارعها
في الفتره الاخيره بفضل تقدم وسائل الاعلام والاتصال ، ووسائل النقل والمواصلات والتقدم العلمي بشكل
عام ، ومع ذلك فهي لم تكتمل بعد .
و ان اي نشاط يقوم به الانسان فانه يعتبر نشاطا عولمي بوصف ما او بمقياس
ما ، و لهذا لم يجزم ببدايه لهذه الظاهره فيما سلف ، و لكنهم يشيرون
الى محطات تاريخيه في احداث ووقائع تجلت فيها حركه العولمه ، و لعلنا نذكر هذه
المحطات على وجه الاجمال :
اولا : كان العرب في الماضي هم المطورون الاوائل لانظمه المتاجره عبر البلدان ، و كان
المقر الرئيس لذلك النشاط هو منطقه الخليج ، و كان يتمركز في جزيره هرمز .
و قد استمرت هذه الحال الى نحو من عام 1600م ، لكن البرتغاليين قاموا خلال
القرن الخامس عشر ببرامج بحث و تطوير في التقانه البحريه في ( ساجرس ) و
كان الهدف لذلك البرنامج بناء اسطول بحري يتم فيه تحدي نظام المتاجره الدولي الذي يهيمن
عليه العرب ، و قد نجح البرتغاليون في صنع السفينه العابره للمحيطات و التي بامكانها
عبور المحيط الاطلسى ، كما ان بامكانها حمل مئه قطعه مدفعيه و اطلاق نيرانها .
و اذنت هذه التقانه البحريه الجديده ببدء عصر الاكتشافات الجديده ، فقد حققت اوروبا في
عام 1500م تعادلا تقانيا مع العرب ، الا ان ميزان القوه بين الطرفين منذ ذلك
الحين اخذ يتقوض بسرعه بسبب سلسله من التقدمات العلميه و التقانيه الاوروبيه ، مثل احلال
قوه البخار محل قوه العضلات ، و اكتشاف توليد الطاقه الكهربائيه و نحوها .
حتى اطرد نمو الهيمنه الغربيه خلال القرون الخمس الماضيه باستثناء حقب قصيره . و كانت
تلك الهيمنه ابان الاستعمار العسكري للدول الضعيفه في اوج قوتها كما جرى في القرن التاسع
عشر و النصف الاول من القرن العشرين ، و هذا ايذان بان قياده العولمه اصبح
في ايدي الغرب
ثانيا: لما انتهت الحرب العالميه الثانيه عام 1945م كانت قد خلفت اثارا تعد منعطفا مهما في
تاريخ العولمه ، اذ انه بدا واضحا ان الهيمنه الحقيقيه لا ينبغي ان تكون عسكريه
، و انما ثقافيه و اقتصاديه . و هذا ما سينتج عنه في النهايه هيمنه
سياسيه شامله لكل المناحي . و من هنا تم وضع الخطط لتجاوز النتائج الماساويه التي
نتجت عن الحرب العالميه الثانيه .
و قد بذلت الولايات المتحده الامريكيه في تلك الحقبه و بين عامي 1948-1951 اكثر من
اثني عشر مليار دولار من اجل اعاده بناء الدول الصناعيه الغربيه و اليابان و عبر
مشروع (مارشال)(7)، و لم يكن هذا كرما ذاتيا من الولايات المتحده الامريكيه ، و لكنها
كانت ترى بعدا في هذا البذل سيتحقق لها ، وهو انها ستجعل من اوروبا و
اليابان جزء من سوق مفتوحه تساعدهم فيها على استيراد المصنوعات الامريكيه ، و ايجاد فرص
للاستثمار ، بالاضافه اعاده تنظيم العلاقات النقديه و اسعار الصرف ووسائل الدفع الدوليه , و
قد تمثل ذلك بظهور (البنك الدولي) و (صندوق النقد الدولي) .
و من هنا عد بعض الباحثين اوساط عقد الاربعينيات الحقبه التي وضع فيها حجر الاساس
لعولمه اطلسيه . و قد سعت امريكا الى تسييد اصحاب الاعمال و اضعاف التكتلات العالميه
.
ثالثا : من الموكد انه لم يكن معترفا بالعولمه في الدوائر العلميه على انها مفهوم له
اهميته قبل عقد الثمانينيات ، مع انها كانت تستخدم على نحو متقطع ، اما خلال
النصف الثاني من ذلك العقد ، فقد اختلف الامر حيث اعلن (جورباتشوف)(8)عن قيام ثوره التغيير
و اعاده البناء و هذا يعني عند التحقيق انهيار الاتحاد السوفييتي سياسيا و اقتصاديا ،
كيانا و نفوذا ، كما انه كان يعني اتجاه الخصم العنيد للغرب خطوات واسعه نحو
المنهجيه الغربيه في السياسه و الاقتصاد ، و كان ذلك في كل المعايير انتصارا لليبراليه
و الراسماليه . و تلا ذلك سقوط (جدار برلين) عام 1989م و اخذت الدول التي
كانت تشكل (حلف وارسو) تنضم الواحده تلو الاخرى الى الحلف الاطلسي . و بعضها مازال
يطرق الابواب و لما يفتح له .
و تبع ذلك انهيار اسوار عاليه كانت تحتمي بها الاسواق في الصين و اوروبا الشرقيه
و روسيا ، و صار انتقال الافكار و انماط العيش و رووس الاموال و الخبرات
التنظيميه و التقنيه اكثر سهوله ، و اوسع مدى من اي مرحله سابقه
و هذه المرحله الاخيره مازالت مستمره ، فيها يتعمق استخدام مصطلح (العولمه) و يكتسب معان
ودلالات جديده عند بزوغ كل شمس .
من يقود العولمه في العالم اليوم ?
ان قياده العولمه تتم على نحو جوهري من قبل الغرب و من يتحرك في فلكه
في الاصل ، ثم عند التامل نجد ان الدافع الاول و المحرك الحقيقي لهذه الظاهره
هي امريكا ، فلها الساعد الاقوى في دفع حركات العولمه .
و سبب ذلك هو ما عند الغرب من ثورات و براءات اختراق و رووس اموال
ضخمه ، في حين انحسار هذه المظاهر بشكل عام في العالم الاسلامي ، فالامه التي
تسهم بشكل اكبر هي الامه التي تصنع و تملك و هذا متحقق عند الغرب واقعا
ملموسا .
و هو عند امريكا بشكل اكبر و لهذا يرى كثير من الباحثين ان ما يسمى
ب(العولمه) ، ينبغي ان يسمى (امركه) ، حيث ان الذي يسيطر على قرارات المنظمات السياسيه
و الاقتصاديه و الاجتماعيه الدوليه هي الولايات المتحده الامريكيه ، لان صوتها هو الاعلى ،
و ما تمليه ينفذ ، و الثقافه الشعبيه الامريكيه هي الاقوى و الاسرع انتشارا في
العالم .
لم يكن هذا الدور القيادي ( عالميا) ضرب من ضروب الصدف ، و لكنه اتى
بعد محاولات لاستغلال الظروف و الاحداث من قبل الساسه الامريكان ابان التنافس على الصداره ،
حيث كان في العالم قطبان للسياسه العالميه : واشنطن ، و موسكو ، و لكن
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تفردت واشنطن بالقياده ، اضافه الى مشروع ( مارشال ) فتحقق
لهذا بعد هذا نشاط سياسي و اقتصادي و ثقافي .
اهداف العولمه :
” الهدف الظاهر من العولمه هو خدمه البشريه و توحيد مصيرها بازاله الحواجز بينها ،
و اشاعه القيم الانسانيه في عالمها ، و حمايه هذه القيم من اهدارها حتى ولو
كان من قبل الدوله ، و مقاومه الرقابه التي تحد من قيمه الانسان في حركته
الاقتصاديه او تلقي معلوماته .
هذا هو الهدف الظاهر المعلن .
لكن اذا تركنا الجانب التطبيقي منها الان و وقفنا مع الجانب المنطقي ، فان اقرب
الاسئله بداهه هو : من يا ترى الذي سيحدد معايير القيم و مواصفاتها ؟ و
من الذي سيرسم مساراتها التنظيميه في الاقتصاد و القضايا الاجتماعيه و الفكر ؟ بلفظ جامع
: من الذي سيوجهه هذه العولمه .؟
ذكرنا فيما مضى ان مصدر هذه العولمه هي اوروبا ، و بالدرجه الاولى و الفاعله
( امريكا ) اي : انها هي القوه الكبرى الغربيه و باقي العالم دوره التلقي
.
و عليه : فان هذه العولمه ستكون مصبوغه بالصبغه الغربيه ، فلسفه و نمط حياه
، ليس هذا مجرد استنباط بل هو الحقيقه المعلنه ، ان العولمه هي العولمه لليبراليه
الغربيه التي تمثل – كما يتصورون – انضج المذاهب البشريه الان التي انتهى اليها التاريخ
كما يقول فوكوياما ، و يقول ديفد روشكوبف الاستاذ في جامعه كولومبيا و المسئول السابق
في حكومه كلينتون : ” يذهب العديد من المراقبين الى استغلال الفرص التي خلفتها الثوره
المعلوماتيه الكونيه للترويج للثقافه الامريكيه على حساب الثقافات الاخرى وهو شيء بغيض ، لكن هذا
الامر من النسبه امر خطر بقدر ماهو خاطئ ” . و بعد ان يبرز وجهته
يوكد انه : “يتعين على الولايات المتحده الامريكيه الا تتردد في الترويج لقيمها ، و
في سعيهم الا يكونوا سياسيين او مهذبين ، ينبغي على الامريكيين حقيقه انه بين كل
الامم التي عرفها تاريخ العالم ، فان امهتم هي الاكثر عدلا و الاكثر تسامحا و
الاكثر حرصا على اعاده تقييم الذات و تحسينها ، و هي النموذج الافضل للمستقبل .
و يتعين على الامريكيين ان يروجوا لرويتهم للعالم لان الفشل في القيام بذلك او تبني
موقف (عش ودع غيرك يعيش) يعنيان التنحي ، فهل تبني قاده اجانب لنماذج تشجع النزعه
الانفصاليه و الصدوع الثقافيه التي تقوض الاستقرار يمثل تهديدا للولايات المتحده الامريكيه ، و للسلام
الاقليمي و للاسواق الامريكيه و لقدره الولايات المتحده الامريكيه على القياده ؟ ان الاجابه هي
: نعم بالتاكيد ” (9)
و كما ستكون مصبوغه بالصبغه الغربيه ، كذلك فان مسالك العولمه ستفصل و تحدد انماطها
بحسب ما يحقق مصالح تلك القوى و يحفظ لها موقعها المتفوق و ريادتها الحضاريه ،
و يبقي عالم الضعفاء اتباعا مهمشين منجذبين – من انفسهم او من سلطه العولمه –
نحو التبعيه لتلك القوى .
و هذه التبعيه مساله منطقيه في عالم تحكمه المصالح و الفلسفه البراجماتيه النفعيه ، و
بالذات في مثل امريكا التي تقوم فلسفه على حكمها المصلحيه ولو ضحى في سبيلها باشياء
كثيره من القيم و المعاهدات التي يلتف عليها ، و هذا الاسلوب المصلحي لا يتناقض
– كما يقول مولفا كتاب : فخ العولمه – ” مع التقاليد السائده في امريكا
، فالزاعم القائل بان امريكا تساعد العالم في حل مشكلاته حبا للخير لوجه الله لا
غير ، هو زعم باطل اصلا ، فبغض النظر عما بينهما من اختلافات لا تحقق
حكومات الولايات المتحده منذ قديم الزمان الا ما نره يخدم مصلحتها القوميه ” .(10)
مظاهر العولمه :
لا شك ان نظام العولمه قد فرض نفسه ووجوده وبسط نفوذه بفعل عوامل عده ساعدته
في ذلك خاصه ما يتعلق بالوسائل التكنولوجيه الحديثه مثل الاقمار الاصطناعيه وشبكه الانترنت والقنوات الفضائيه
والحواسب وغير ذلك من وسائل الاتصال والتواصل المتعدده التي لا يخفى علينا مدى اهميتها القصوى
في العصر الحاضر في التقريب بين الشعوب والدول والامم والحضارات.ولم تنج البلاد العربيه والاسلاميه كباقي
دول العالم من زحف العولمه واثارها، وقد عمد الغرب الى التغلغل فيها من اجل تحقيق
اهدافه واغراضه السياسيه والاقتصاديه والثقافيه… ولا غرو ان تعد العولمه شكلا جديدا من اشكال الاستعمار
الغربي الحديث الذي يستهدف من ورائها بسط نفوذه وهمينته على الدول العربيه والاسلاميه وشعوبها وخيراتها
وامكاناتها الطبيعيه والاقتصاديه والماديه.(11)
اهم مظاهر العولمه ما يلي :
المجال الاقتصادي
لما انشئت منظمات و موتمرات تعنى بالاقتصاد العالمي كمنظمه (الجات) ثم (منظمه التجاره العالميه) كانت
العولمه لها نفوذ على تلك المنظمات ، و تمكنت من توجيهها وفق اجنتدها التي تريد
اخضاع الشعوب لها ، فالعولمه الاقتصاديه مظهر من مظاهر العولمه ، و لذا ينطبق عليها
ما ذكرناه من تنافر بين الهدف الذي حدده مبتغوا العولمه ، و بين ما يمكن
ان يطبق منطقا و عقلا .
و بعد قيام تلك المنظمات ، و السعي لتحقيق العولمه الاقتصاديه تستجد امور توهن من
شان هذه الفكره و مدى تحقيقها و هي :
-ان العلاقات بين الدول و الشركات ستكون علاقات تنافس و صراع على اقتناص الارباح و
سباق الاخرين .
-ان السبق و الغلبه ثم الهيمنه هي للاقوى اقتصاديا ، و الاندحار و من ثم
الانهيار من نصيب الضعفاء اقتصاديا .
-ان الاقتصاد ليس مجرد تبادلات ما ديه معزوله عن المشاعر ، فحينما يتوحد اناس في
ظل منظومه اقتصاديه معينه ، و تتداخل مصالحهم تقوم مشاعر الولاء و الامتزاج بالاخر الذي
ارتبطت به بعض مصالحهم حتى لو كانت مصالح هو المغلوب فيها .
-هذه الفلسفه هي التي كان يرمي بها شمعون بيريز في مشروعه الشرق اوسطي حيث برهن
على ان الحروب هي اسوا وسائل السيطره ، بل ان السيطره الحقيقيه تكون بالاقتصاد و
التكنولوجيا و العلم ، و ان دول الشرق الاوسط قد انفقت الكثير على الحروب و
الدمار و لا بد ان نكسر الحواجز النفسيه لوضع منظومه اقتصاديه يرتبط بها الجميع.(12)
و قد تمكنت الولايات المتحده من اقامه موسسات اقتصاديه راسماليه عي نطاق عالمي مثل :
البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و اتفاقيه الجات ، اضافه الى عشرات الاتفاقيات التجاريه
الثنائيه او متعدده الاطراف مع مختلف دول العالم . (13)
المجال السياسي و العسكري
اعتمدت الولايات المتحده سياسه التحالفات بعد الحرب العالميه الثانيه ، و كثير من تلك التحالفات
تم من اعداء سابقين مثل اليابان و كوريا ، و تهدف تلك التحالفات منع اي
قوه تهدد المصالح الامريكيه ، فهي تبحث عن خصوم القوه التي تتوقع منها تهديدا في
المستقبل ، و تدعم اولئك الخصوم على نحو ما فعلت حين دعمت حلف شمال الاطلسي
ضد الاتحاد السوفييتي ابان الحرب البارده ، و كما دعمت اليابان و تايوان و كوريا
الجنوبيه ضد القوتين السوفييتيه و الصينيه ، و زرعت اليهود في فلسطين المحتله ، ليكونوا
في مواجهه العرب و المسلمين ، و قد استخدمت مواردها الماليه الضخمه في ايجاد حلفاء
لها ، يعتمد عليهم و مشروع ( مارشال ) و الاستثمارات الضخمه جنوب شرق اسيا
و المساعدات الخارجيه للدول الصديقه نماذج على ذلك .
المجال الديني:
يقول هنتجتون (14) : ” مشكله الغرب الخطيره هي الاسلام ، الثقافه المختلفه التي يقتنع
اصحابها بتفوق ثقافتهم ” و قد ذكر ان الحل لاختراق هذه الثقافه اجراء حوار بين
الحضارات و ذلك لاحتواء الاختلافات الموجوده بين الاسلام و الثقافه الغربيه .
و هذا الهدف ليس جديدا مع العولمه ولا مع الحوارات الحضاريه و الدينيه ، بل
هو قديم منذ ان كان الاستعمار يرعى حملات التنصير التي كان هدفها كما قرره المنصر
: (زويمر)(15) و كما رصده (هاملتون جب) (16) هو اذابه مشاعر التقديس لدى المسلم للقران
و السنه النبويه ، ليصبح فكره و نفسه مفتوحه لتقبل الروح الغربيه في معارفها الاجتماعيه
و قيمها و نظمها ، او على الاقل لتقطع صلته بدينه فيصبح ” مخلوقا لا
صله له بالله تائها في الحياه ، تتحكم به شهواته فيسهل استعباده “(17) .
- صور حول العولمة
- إنشاء حول العولمة
- موضوع حول العولمة
- موضوع انشائي حول العولمة
- موضوع انشاء عن العولمه
- موضوع العولمة
- مقولة حول العولمة
- علاقة السيدا بالعولمة
- موضوع عن العولمة و التكنولوجيا
- امثلة عن العولمة حول العالم