مقال عن شهرزاد
شخصيه اليوم هى شخصيه مشهوره جدا وهى شخصيه شهرزاد وهى كانت جاريه الملك شهريار وهى
كانت فى حكايات الف ليله وليله شاهد معنا
وقد ظلت حكايا “لف ليله وليله” وجهه القاصى والدانى من الكتاب يستقون منها ويستفيدون من
روحها الوثابه وقدرتها على التشكيل الوجداني، مضيفين ليها عناصر واقعيه تلائم الزمان والمكان الذى يعيشون
فيه، وعلى المستوى الكاديمى راح الباحثون يبحثون فى جذورها وتثيراتها على الكتابه الابداعيه، ومنها الدراسه
التى حصلت بها الباحثه نهاد ابراهيم على درجه الماجستير من اكاديميه الفنون تحت عنوان “شهرزاد
فى الادب المصرى المعاصر” تحت اشراف د. عبد العزيز حموده وشارك فى المناقشه د. نهاد
صليحه حيث تبد الباحثه بايراد نبذه مختصره عن اصول “الف ليله وليله” التاريخيه مؤكده ان
الباحثين اجمعوا على ان جذورها تعود لصول فارسيه وهنديه، اضيفت اليها فيما بعد حكايات عربيه
خالصه ومصريه واضحه، ما عن الصول الفارسيه فهناك اتفاق على ذلك التشابه الجلى بين حكايات
“لف ليله وليله” والكتاب الفارسى “هزار فسان” الذى يضم حكايه اطار تتولد منها مجموعه من
القصص، وقد لاحظ المسعودى مؤرخ القرن العاشر الميلادى فى كتابه “مروج الذهب” انه بالرغم من
ان العنوان الفارسى يعنى “الف خرافه” فان المجموعه قد عرفت شعبيا فى الترجمه العربيه باسم
“الف ليله”، وبالعوده الى كتاب “الفهرست” لابن النديم والذى الفه فى القرن العاشر سنجده يصف
مجموعه من القصص الايرانيه المبكره التى ذكرها بعنوان فارسى هو “هزار فسانه” ترجمه الى “الف
خرافه” ويعنى هذا العنوان فى شرح ابن النديم الاصل السردى الذى يعد اطارا خارجيا لمجموعه
كامله من القصص، حيث كان حد الملوك متعطشا للدم، فاعتاد ان يتزوج النساء الواحده تلو
الخري، ثم يقتل كل واحده منهن بعد قضاء ليله معها، ولكن هذا الملك كما يروى
ابن النديم بايجاز تزوج بعد ذلك محظيه ذات ذكاء وحصافه، تجرى فى عروقها دماء ملكيه
يدعوها “الفهرست” شهرزاد ويحكى قصتها مع زوجها الملك التى كانت تروى له قصه كل مساء
لمده “الف ليله” تحرص دائما على ان تترك نهايتها عند الفجر مفتوحه فيؤجل الملك عدامها.
واذا كان الادب الشعبى ينبع من اللاوعى والشعور الجمعى لافراد الشعب، لذا كان من الطبيعى
ان يتدخل الراوى الشعبى المجهول باضافاته او تعديلاته الشفاهيه المستمره على حكايات “لف ليله وليله”
حسب تطور العصر وظروف المجتمع، حتى وصلت “الف ليله” الى شكلها النهائى المعروف لنا الن
حسب طبعه بولاق عام 1835.
ومن الحقائق التاريخيه التى يجب ايرادها هنا ان “الف ليله وليله” طبعت باللغه الفرنسيه قبل
ان تطبع باللغه العربيه بمئه عام وعشره، ذلك ان ترجمه انطوان جالان قد ظهرت بدايتها
فى سنه 4071 بباريس على حين ان طبعه “كلكتا” وهى اول طبعه عربيه كانت فى
عام 4181 وتلتها ول طبعه للكتاب داخل الوطن العربى نفسه فى بولاق بالقاهره سنه 1835،
اى بفارق مئه واحدى وثلاثين سنه عن صدور الكتاب فى فرنسا، وهو فارق زمنى ليس
بالهين القيمه ولا قليل الاثر، فلم يكن ذلك القرن كغيره فى تاريخ اوروبا، بل كان
القرن الثامن عشر “عصر التنوير” عصر فولتير، وجان جاك روسو، وديدرو، وفى الوقت ذاته كانت
“لف ليله وليله” فى موطنها الاصلى روايات مشافهه متناثره، او مخطوطات مودعه فى خزائن الكتب
العامه و الخاصه و فى دكاكين الوراقين ونطوان جالان “1646 1715م” اول من نقل “لف
ليله وليله” الى اوروبا.
ولم يت اهتمام المبدعين الاوروبيين بالكتاب وحكاياه من فراغ، انما لنه قد مس شغاف قلوبهم
وكانت ترجمته مواكبه لذوى الاتجاه الرومانسى المتمرد على الكلاسيكيه الجديده، خاصه فى مرحله القرن الثامن
عشر التى اطلق عليها “مرحله السريان والتثير”. وفى القرنين التاسع عشر والعشرين بد النقاد يتعاملون
مع “الليالي” من منظور علمى من خلال ادواتهم النقديه، ليثبت كل بحث جديد ان حكايات
الف ليله وليله غنيه بما يكفى وتستحق التحليل المستمر، ولا تقتصر على وظيفه التسليه السطحيه
ومفهوم مداعبه الغرائز الضيق، ففى القرن الثامن عشر كان الذهن الرومانسى فى نضجه متمردا متجردا
من القيود، باحثا عن الحريه فى كل شيء معليا ذاتيه الفرد والعاطفه ومتعه الحب فوق
العقل، بغرض فك سره من كل تلك القيم والمسلمات المفروضه عليه مما عجل بتراجع العصر
الكلاسيكي.
شهرزاد الحكيم
ثم تقدم الباحثه مجموعه من الدراسات حول تثير فن الحكى فى “لف ليله وليله” عند
بعض الكتاب امثال توفيق الحكيم الذى استلهم الماده الفنيه لكثير من اعماله من تراث التاريخ
والساطير والقرن الكريم كما تجلى بوضوح فى مسرحياته “شهرزاد”، و”هل الكهف”، و”يزيس”، و”بجماليون”، و”السلطان الحائر”،
و”سليمان الحكيم”، و”اوديب” وغيرها.
وقد حاول التوفيق بين هذه الخامه الابداعيه وبين فكره وقضاياه التى تشغله ويريد طرحها، بما
يتناسب مع ايديولوجيته وفلسفته الخاصه، وقد برر توفيق الحكيم هذا التوجه بايمانه بوجود رواسب من
لاف السنين راسخه فى وجدان الشعب، وان استلهامه التراث والاساطير ليس سوى محاوله منه لمد
حبل يربط حياتنا الروحيه والفكريه فى اطوارها المختلفه، ويحمل فعل استلهام التاريخ والاسطوره فى حد
ذاته عده وظائف يقوم بها تلقائيا لتتفاعل مع المتلقي، لكن هذه الوظائف او المميزات مشروطه
بمدى موهبه المؤلف وتمكنه من ادوات عمل الاستعانه بالتاريخ والاسطوره.. وهذه تساعد المشاهد على الاقتناع
بالشخصيه والحدث، لان المشاهد يرى فى الشخصيات التاريخيه والاسطوريه حقائق مسلما بها.
وفى هذه الحاله لا يطلب المشاهد الواقعيه بقدر ما يرتفع بخياله الى جو من التاريخ
والاسطوره، ولكن هذا لا يتم لدى المشاهد بنجاح الا اذا جاد المسرحى حبك العقده وتلاحم
الشخصيات ووضوح سماتها، وهو ما نراه جليا فى مسرح الحكيم الذى اتسم بالطابع الذهنى خاصه
فى مسرحيته “شهرزاد” وهو المسرح الذى اكد الحكيم انه يقوم على الصراع بين الافكار، وقد
لج اليه لنه الكثر ملاءمه للصراعات الفكريه المطروحه فى مسرحياته، لن الرمز من وجهه نظره
ما هو الا انعكاس لعموميه الفكره التى تقوم عليها المسرحيه وتتحدى هذه الفكره فى مفهومها
حدود وقائع الشخصيه وصفاتها، فهى ليست فكره تخص احد الناس دون غيره بل هى رمز
لطابع بشرى شامل، وان كان د. محمد مندور قد رفض تسميه هذا النوع من المسرح
بالمسرح الذهنى مفضلا عليها تسميه “المسرح التجريدي” حيث لا تنتمى للمسرح الذهنى الذى يجده عند
ابسن وبرنارد شو.
ويرى د. غالى شكرى ان مسرحيه “شهرزاد” دراما اسطوريه تعتمد على الاطلاق والتعميم، وهى شديده
الارتباط بتلك المرحله التى صدرت خلالها، ويقصد مرحله الازمه الشامله للنظام الرسمالى والابتعاد النسبى عن
التجربه الاشتراكيه فى مهادها التطبيقيه واصولها النظريه على السواء، وهى المرحله السابقه على الحرب العالميه
الثانيه مباشره حيث تتسم بالغموض والتوتر، كما تعتبر المنعطف فى تاريخ الانسان الذى جذب الحكيم
الى عالم المطلقات، وان اتصل هذا العالم بعمق هموم البشر ودق خلجاتهم.
لكن مسرحيه “شهرزاد” لتوفيق الحكيم لا تحمل فقط خلفيه وطنيه محليه من الافكار والمعتقدات، بل
هى انعكاس لفكر الحكيم الشرقى الذى صدم فى عقليه الغرب بمفهوم الانسان لحريته المطلقه امام
مصيره.
وقد استلهم الحكيم على حد تعبير نهاد براهيم بعض بطال الحكايه الطار وتخطى تيمه الخيانه
التقليديه، ليبد حداث الصراع فى النهايه اى منذ الليله الثانيه بعد الالف عندما توقفت شهرزاد
عن الحكي، واصبحنا الن نتعامل مع الشخصيات الدراميه “شهرزاد شهريار العبد” بمنظور مختلف تماما عما
ساقه لنا راوى “الف ليله وليله” الاصليه، وقد ابتكر الحكيم بقيه الشخصيات الدراميه “الوزير قمر
والساحر وسالم الدن والزاهده وصاحب الخان ابى مسيور واستبدل بالسياف الجلاد” ثم وظفهم جميعا فى
جدليه من العلاقات الفاعله داخل النسق الدرامى المطروح بما يتوافق مع رؤيته.
شهرزاد باكثير
وتتعرض الباحثه لتثيرات “شهرزاد” عند الكاتب على حمد باكثير فترى انها تختلف اختلافا جذريا عن
“شهرزاد” توفيق الحكيم، وان اتفق الاثنان فى استلهامهما للتراث والتاريخ كماده اولى لاعمالهما وقد قام
باكثير ببعث الحياه فى شخصيات كثيره تم تهميشها تماما فى الحكايه الاطار، وحذف شخصيات وابتكر
خرى تتناسب مع سياق الصراع الدرامى المطروح، ومع الفلسفه الاسلاميه العربيه التى يتبنى راءها.
ركز باكثير فى حواره المسرحى على استلهام قوانين المجتمع البطريركى كما هى من المصدر الصلى
لانها فى حقيقه الامر تعاليم وتقاليد متوارثه فى النفوس خالده لا تموت، ويستوى فى المعاناه
جنس الناث بكمله، بغض النظر عن خروق المكانه الاجتماعيه المزيفه.
وترى الباحثه ان البناء المسرحى فى “سر شهرزاد” بناء يمعن فى الكلاسيكيه، ولكنه فى حدود
الاطار الكلاسيكى استطاع ان يضفى على المسرحيه شيئا من الحياه، لقد اراد حقا ان “يبرر”
الاسطوره تبريرا منطقيا يقترب من الايهام بواقعيتها، ولكنه استطاع ان يستلهم من “روح العصر” قضيتين
الاولى هى علاقه الملك بالشعب مع ملاحظه ان باكثير كتب المسرحيه قبل الثوره ون مثلت
عام 3591 والقضيه الثانيه هى الاستعانه بكشوف علم النفس الحديث فى تفسير ازمات الانسان المعاصر.
وتمثل شخصيه “الحكيم رضوان” الاستعاره الرمزيه للمواطن المتعلم المستنير الايجابى الواعى بقضايا المجتمع من حوله
بطبقاته المختلفه، الذى لا يهاب الا الحق ولا يعرف الا الصراحه القاسيه ويتقن فنون الكلام،
وهكذا قامت الشخصيه بتعريف نفسها وابعادها ومدلولاتها منذ اللقاء الاول مع شهريار. وهذه الشخصيه تعد
المحرك الدرامى للاحداث ولهذا كانت اكثر الشخصيات علما وتعقلا واستشرافا واداره للمستقبل.
طه حسين وحلام شهرزاد
ما عميد الادب العربى فقد استلهم “لف ليله وليله” فى عمله الرائع “حلام شهرزاد” وهى
الروايه التى نشرها د. طه حسين عام 1943 فى بدايه سلسله “اقر” متثرا بجو الحرب
العالميه الثانيه على حد ما وصفته د. سهير القلماوى وان كانت رؤيه طه حسين فى
الروايه بها ذلك المزج التثيرى من الادب العربى والادب الغربى معتمدا على الحكى والقص مجسده
دور الفنان فى كيفيه الخذ بيد الفرد بصفه خاصه والشعب بصفه عامه للارتقاء بهم نحو
عالم فضل يدرك قيمه الجوهر والقيم العليا حتى لو كان هذا ضد رغبات الحاكم.
وتؤكد نهاد براهيم فى بحثها انه يلاحظ ان روايه طه حسين اتبعت نفس منهج الليالي،
فلم تدفع بشهرزاد بكل ما تريد تعليمه لشهريار دفعه واحده، فكلما تكدت انه استوعب مرحله
ما وتقبلها تنتقل به للمرحله الثانيه بعد ان اصبح مهي لذلك تماما بل ويطلب المعرفه
بنفسه ليتخلص من القلق الداخلى الذى يلازمه دائما .
وحينئذ تصبح شهرزاد معلمه راشده تتبع لغه الصراحه بعيدا عن الاختباء وراء رموز الحكايات ومدلولاتها
الموحيه من قريب او من بعيد، وبالتالى وبالتدريج يتماثل شهريار للعلاج النفسي، ولعل طه حسين
يكون قرب الكتاب للغوص فى البنيه السيكولوجيه للبطل.
فلقد تعدى دافع قلق شهريار للمعرفه بمنظورها الجماعى المتعلق بكيفيه حكمه لرعيته وتوفير سبل الحريه
والديمقراطيه والتعليم واذا عقدنا مقارنه بين روايه طه حسين “حلام شهرزاد” ومسرحيه توفيق الحكيم “شهرزاد”
فسنجد هناك اوجها كثيره للتشابه والاختلاف بين بعض الجوانب فقد اعتبر بعض النقاد ان الصراعات
المطروحه فى “حلام شهرزاد” اكثر وضوحا وواقعيه من تلك الصراعات النفسيه المطروحه فى مسرحيه “شهرزاد”
الحكيم وهو ما ينعكس على تويلات ابعاد القضايا والصراع فى العملين.
فروق سرديه
ويرى الناقد الراحل محمد غنيمى هلال ان توفيق الحكيم وطه حسين اتفقا فى ادراكهما الرومانتيكى
لشخصيه شهرزاد وهو ما انعكس بوضوح على عمل كل منهما على حده وعلى عملهما المشترك
“القصر المسحور” كما اتفقت راء وتحليلات بعض النقاد فى ن طه حسين وتوفيق الحكيم تقابلا
فى نقطه جوهريه واحده، وهى استلهام شهرزاد الغربيه التى تبد دورها من جديد بعد انتهاء
“ليالى الف ليله وليله” فليست هذه شهرزاد الشرق التى صارعت شهريار وانقذت نفسها وبنات جنسها،
بتوظيف حكاياتها التى نجحت فى النهايه فى شفاء شهريار كما يرون ان شهريار الشرق لا
يمكن ان تشغله عقده البحث عن حقيقه شهرزاد ولا ان يضيق بالصفاء لانه يخدعه ويشغله
عن الحقيقه، ولا ن يضنى نفسه ويحرق عقله فى سبيل حل الالغاز لاجتماع الوضوح والغموض
فى شخصيه شهرزاد او الكشف عن سر او لغز شهرزاد.
وتؤكد د. سهير القلماوى ان السؤال “من نت؟” الذى يردده الحكيم ويردده من بعده طه
حسين متثرا به بالرغم من ان المسرحيه لم تعجبه، لا علاقه له بشهريار الذى روت
خبره “الليالي” ومن ثم لم يكن استلهام توفيق الحكيم وباكثير نابعا من التراث العربي، واكتفى
الاثنان بمحاكاه المذاهب والاعمال الغربيه فحسب، بينما يخرج على احمد باكثير من نطاق هذا الحكم
بالاستلهام الغربي، حيث بدت احداث مسرحيته على النقيض اى قبل “الليالي” بكثير، حيث اهتم باكثير
بخلق مبررات دراميه منطقيه للاسطوره.
- حكم الف ليلة وليلة اقوال شهرزاد
- بحث حول شهرزاد
- شخصية شهرزاد
- مقال عن الصراع داخل النسق
- كلام عن شهرزاد
- شعر عن شهرزاد
- موضوع حول شهرزاد
- القضايا المطروحة في مسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم
- القضايا المطروحة في مسرحية شهرزاد
- الشخصيات مسرحية شهرزاد