مقالات عن الرسول( عليه افضل الصلاة والسلام )

شخصية النبى -صلي الله علية و الة و صحبة و سلم- باعتبارة القدوة الحسنة المرتضاة من الله تعالي لكافة البشر فهو صلوات الله و سلامة عليه،جمع الفضائل كلها،والمكارم جميعها،والمحامد باكملها،الية ينتهى الخير،وفية تاصل البر،وعلى يدية فاض النور و اشرقت الهدايه، و بة انقذ الله البشريه، و اخرجها من عبادة العباد الي عبادة رب العباد،ومن ضيق الدنيا الي سعتها،ومن جور الطواغيت الي عدل الاسلام

صورة1

 



ومن اجل هذا كانت سيرتة من احلى السير،وصفاتة من انبل الصفات، و اخلاقة من اعظم الاخلاق، و حياتة من افضل الحياة و اوفاها و اشملها.

نعم ان التاريخ الانسانى علي و جة الارض لم يعرف عظيما من العظماء و لا زعيما من الزعماء و لا مصلحا من المصلحين استوعب فصفاتة الذاتية و العقلية و النفسية و الخلقية و الدينية و الروحية و الاجتماعية و الادارية و العسكرية و التربوية ما استوعبه  شخصية النبى محمد صلي الله علية و سلم، و ما اختصة الله بة من الكمالات التي تشرق فكل جانب من جوانبها و تضيء فكل لمحة من لمحاتها، حتي استحق ان يصفة الله عزوجل بالنور فمثل قولة تعالي (قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين)(المائدة 15).

ولا عجب فذلك، فقد ارسلة الله للناس كافه، قدوة صالحة لهم،ورحمة للعالمين. و هو القائل عن نفسة (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق).(الموطا).

فرسول الله صلي الله علية و سلم منذ ان بعثة الله عزوجل للناس نبيا و رسولا كانت حياتة صورة صادقة للدين الذي جاء بة من عند الله، و ما احلى ما و صفتة عائشة رضى الله عنها حينما سئلت عنه، فقالت (كان خلقة القران).


اى انه كان قرانا حيا متحركا ملتزما باحكامة ، عاملا بتوجيهاته، متبعا لهديه،ومنتهيا عند نهيه،يدعو الي نوره، و يحتكم الي شريعته،من اجل هذا قال الله تعالي (لقد كان لكم فرسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الاخر و ذكر الله كثيرا)(الاحزاب 21).

فهو القدوة الي الخير و الاسوة بين الناس الي رضوان الله.


وايما دعوة من الدعوات، لا يتاتي لها النجاح و الانتشار ما لم يكن لها من اصاحبها و الداعين اليها قدوات صالحة فالتطبيق العملى لتلك الدعوة فاخلاقهم و سلوكهم و مواقفهم فالحياه.


لقد كان رسول الله صلي الله علية و سلم المثل الاعلي فذلك فقد صنعة الله علي عينه، و ادبة فاقوى تاديبه، و اعدة لحمل رسالتة و تبليغ دعوتة و اخلاص العبودية لرب العالمين قال سبحانه: (وانك لتهدى الي صراط مستقيم)(القلم 4).

وسيرتة صلي الله علية و سلم العطرة سجل حافل بالماثر مليء بالمكرمات، مفعم بالفضائل، انه كنز المواعظ و العبر،ومدخر الدروس التي تنبض بالنور،ترشد الي الخير،وتوقظ الهمم، و تشحذ العزائم،وتذكى الايمان، و ترسم الطريق الي مرضاة الله، و تضع المعالم امام الدعاه  و المصلحين،وتجسم القيم العليا و المبادئ الرفيعة فشخص النبى صلي الله علية و سلم،واقعا محسوسا،وحياة كريمة فاضله.

فما نقراة عما ينشر عنة فالعالم الاخر من معلومات مغلوطة و كاذبه  و هذا باتهامة صلي الله علية و الة و صحبة و سلم – بانة رجل حرب و نهب و سلب، و انه كان غليظ القلب، و ان الدين الذي جاء به  دين العنف و الرهبة و القتال، و صار بعض الرموز عندهم  ينعتون بانهم رجال المحبة و الرحمة و السلام، و تناسي الناس فزحمة الكذب الاعلامى و التزوير فالحقائق التاريخية و الدينية و الثقافية شخصية النبى -صلي الله علية و سلم- تلك الشخصية التي نالت القدر الاوفي من جميع الشمائل و الخصال النبيله، و القيم الانسانية العليا.


لقد كان ميلاد محمد -صلي الله علية و سلم- ايذانا ببدء ثورة شامله، حررت الانسان و الزمان و المكان، و رفعت عنها اصر عبوديات و اغلال كثيرة كانت تعيق انطلاقها جميعا، فاخذ الانسان حريتة بيده، و صاغ هوية زمانة و مكانة صياغة جديده، فجرت عناصر الخير فكل شيء، كان احتجاجا قبليا علي جميع عناصر الخير، فوقف الانسان علي ربوة التاريخ يسدد خطواتة نحو الاشرف و الافضل، و وقف المكان ليلهم و يحتضن و ينبت الافضل و الانصع، و وقف الزمان ليفسح و يتيح للاكمل و الاشمل!


ولد الهدي فالكائنات ضياء       وفم الزمان تبسم و ثناء


ولقد شكلت شخصية محمد -صلي الله علية و الة و صحبة و سلم- الرجل الذي اكتملت فية جميع الاخلاق الحميده، و انتفت منة جميع الاخلاق الذميمه، و لذا خاطبنا الله بقول: (لقد كان لكم فرسول الله اسوة حسنه). و المطلع علي سيرة النبى محمد -صلي الله علية و الة و صحبة و سلم- يدرك انها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الانسانية غيرة قدوة حسنة تقتدى بها، و هى تتلمس طريقها نحو عالم اكمل و امثل، و حياة فضلى، و من الطبيعى الا تجد الانسانية مثلها الاعلي فشخصيات و هميه، و الا فهى تضل طريقها المستقيم و تسير مقتدية بالخيال و الاوهام، فمن حقنا اذا ان نتخذ من سيرة النبى -صلي الله علية و الة و صحبة و سلم- نموذجا لسلوكنا فحياتنا.


وحياة محمد -صلي الله علية و سلم- تكشف امامنا المثلي الاعلي فجميع احوال الحياه؛ فالسلم و الحرب، فالحياة الزوجيه، مع الاهل و الاصحاب، فالادارة و الرئاسة و الحكم و السياسه، فالبلاغ و البيان، بل فكل اوجة الحياه. فمحمد -صلي الله علية و سلم- هو المثل الكامل.

ولن تجد الانسانية فغيرة مثلا حيا لها؛ فسيرة محمد -صلي الله علية و سلم- حقيقة تاريخيه، يصدقها التاريخ الصحيح و لا يتنكر لها، و هى سيرة جامعة محيطة بجميع اطوار الحياة و احوالها و شوونها، و هى سيرة متسلسلة لا تنقص شيئا من حلقات الحياه، و هى كذلك سيرة عملية قابلة للتطبيق، هذا ان ما كان يدعو الية محمد -صلي الله علية و سلم- فالقران و الحديث كان يحققة بسيرتة اولا، و ذلك ما شهد بة معاصروه، فقالت عائشة -رضى الله عنها- و ربما سئلت عن اخلاقة صلي الله علية و سلم: «كان خلقة القران».


فهو قدوة الرجال و حبيب الله و رحمة العالمين و اساس سلم العالم محمد صلي الله علية و الة و صحبة و سلم.

محمد الرحمة المهداه:

ان رحمة النبى -صلي الله علية و سلم- بعد مهم فشخصيته، و فدعوته، و من صميم شخصيتة رسولا و نبيا و مبلغا عن ربة و هاديا للناس. و حينما نقرا قولة تعالى: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) و نقف امام الاية ندرك سعة رحمة ذلك النبى الكريم، و كيف كان صلي الله علية و سلم يفيض رحمة فخلقة و سلوكة و ادبة و شمائله. و انه لتناسب و تالف فارقي مستوياتة بين الرسالة و الرسول فهذة الرحمه، حتي لا يتصور ان يحمل عبء بلاغ هذة الرحمة الي العالمين الا رسول رحيم ذو رحمة عامة شاملة فياضة طبع عليها ذوقة و وجدانه، و صيغ فيها قلبة و فطرته..(لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز علية ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رءوف رحيم ) [التوبه: 128]. فهو كاعلي للرحمة الالهية لذا و صفة الله تعالي بانة رووف رحيم.

لقد ارسلة الله تعالي رحمة للعالمين.. رحمة شاملة للوجود باجمعه. يستطيع المومنون الاستفادة من الرحمة التي كان يمثلها النبى -صلي الله علية و سلم- هذا لانة (بالمومنين رووف رحيم) و يستطيع الكافرون و المنافقون كذلك -الي جانب المومنين – الاستفادة من هذة الرحمة كذلك. فعندما قيل له: ادع علي المشركين قال صلي الله علية و سلم: “انى لم ابعث لعانا، و انما بعثت رحمه”.


كما ان رحمتة شملت اسرتة و امتة و اصحابه، فقد كان صلي الله علية و سلم خير الناس و خيرهم لاهلة و خيرهم لامته، من طيب كلامه، و حسن معاشرة زوجاتة بالاكرام و الاحترام، حيث قال علية الصلاة و السلام: “خيركم خيركم لاهلة و انا خيركم لاهلي”. كما انه فتعاملة مع اهلة و زوجة كان يحسن اليهم، و يراف بهم و يتلطف اليهم و يتودد اليهم، فكان يمازح اهلة و يلاطفهم و يداعبهم. كما كان يعين اهلة و يساعدهم فامورهم و يصبح فحاجتهم، و كانت عائشة تغتسل معة صلي الله علية و سلم من اناء و احد، فيقول لها: (دعى لي)، و تقول له: دع لي.


وكان صلي الله علية و سلم رحيما بالجميع، بل انه يسمع بكاء الصبى فيسرع فالصلاة مخافة ان تفتتن امه. و كان صلي الله علية و سلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم. و جاء الحسن و الحسين، و هما ابنا ابنتة و هو يخطب الناس فجعلا يمشيان و يعثران فنزل النبى صلي الله علية و سلم من المنبر، فحملهما حتي و وضعهما بين يديه، بعدها قال صدق الله و رسوله(واعلموا انما اموالكم و اولادكم فتنة و ان الله عندة اجر عظيم) [لانفال:28] نظرت الي هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم اصبر حتي قطعت حديثى و رفعتهما.


فرحمة النبى -صلي الله علية و سلم- جعلتة لطيفا رحيما، فلم يكن فاحشا و لا متفحشا، و لا صخابا فالاسواق، و لا يجزى بالسيئة السيئه، و لكن يعفو و يصفح. بل ان سيدنا انس -رضى الله عنه- يقول: “خدمت النبى -صلي الله علية و سلم- عشر سنين، و الله ما قال اف قط، و لا قال لشيء لم فعلت هكذا و هلا فعلت كذا”  ، و عن عائشة -رضى الله تعالي عنها- قالت: “ما ضرب رسول الله صلي الله علية و سلم خادما له، و لا امراة و لا ضرب بيدة شيئا قط الا ان يجاهد فسبيل الله”. و فرواية “ما ضرب رسول الله شيئا قط بيدة و لا امراة و لا خادما الا ان يجاهد فسبيل الله” .


و لذا قال فية القران الكريم: (فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم فالامر) [ال عمران:159] ، فقد كان منهجة الرحمة بالعباد و التخفيف من الاصر و الغلال التي عليهم، و هو فهذا يقول صلي الله علية و سلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فالارض يرحمكم من فالسماء) .


وتتجلي رحمتة -صلي الله علية و سلم- بالمذنبين، و بمن لا يعرفون كيف تقضي الامور فيعفو و يصفح و يعلم، عن انس بن ما لك رضى الله عنة قال: بينما نحن فالمسجد مع رسول الله -صلي الله علية و سلم- اذ جاء اعرابي، فقام يبول فالمسجد، فقال اصحاب رسول الله -صلي الله علية و سلم-: مة مه، قال: قال رسول الله -صلي الله علية و سلم- : (لا تزرموه، دعوه) ، فتركوة حتي بال ، بعدها ان رسول الله صلي الله علية و سلم دعاة فقال له: “ان هذة المساجد لا تصلح لشيء من ذلك البول، و لا القذر، انما هى لذكر الله، و الصلاه، و قراءة القران” قال: فامر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنة عليه”.


كانت رحمة النبى -صلي الله علية و سلم- قبل غضبه، بل انه فالحرب كان يقاتل بشجاعه، و لكنة كذلك كان صاحب شفقة عظيمه، كان سياسيا، و لكنة فالوقت نفسة صاحب مروءة كبار و قلب كبير. ففى غزوة احد استشهد عمة حمزة اسد الله و رسولة رضى الله عنه، و مزق جسدة تمزيقا. كما مزق جسد ابن عمتة عبدالله بن جحش تمزيقا. و شج راسة المبارك صلي الله علية و سلم، و كسرت رباعيته، و غطي الدم جسدة الشريف.


وبينما كان المشركون جادين فحملتهم لقتلة كان اكثر رحمة بهم، و كان يدعو: “اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون”. فهل يوجد ارحم من محمد فمثل هذة اللحظات.


وفى فتح مكة كيف تعامل مع من اخرجوة و ظاهروا علي اخراجة و ايذائه؟ و كيف تعامل مع من حاصروة فشعب ابى طالب و تسببوا فو فاة احب زوجاتة الية خديجة الكبري رضى الله عنها، و فو فاة عمة ابى طالب؟ فكيف كانت معاملتة لاهل مكة بعد جميع ذلك التاريخ المملوء عداوة و بغضا؟


لقد دخل مكة بعشرة الاف مقاتل، دخل علي مركبه، و الدرع علي صدره، و المغفر علي راسه، و السيف فيده، و النبال علي ظهره، و لكنة مع جميع مظاهر لباس الحرب هذة كان انموذجا للرحمه.


سال اهل مكه: «ما ترون انى فاعل بكم؟» فاجابوه: “خيرا اخ كريم و ابن اخ كريم” فقال لهم ما قالة يوسف علية السلام لاخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم و هو ارحم الراحمين) (يوسف: 92) لقد قال لهم: “اذهبوا فانتم الطلقاء”.


هذا هو محمد النبى -صلي الله علية و سلم- و هذة رحمتة التي شملت جميع الناس، و استمرت دستورا هاديا الي ان تقوم الساعه، و ليست تلك الرحمة الكاذبة التي تاتى ردود افعال من اناس يومنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض، كما انها ليس تلك الرحمة ذات الوجهين التي تطبق علي البعض، و يحرم منها البعض، كما نراة فعديد من الشخصيات و النظم و القوانين الدولية و المحليه، التي تحاكم اخرين و تستثنى اخرين. او تلك الموسسات و الشخصيات التي تراف و ترحم الحيوان، و لكنها تشرع لظلم الانسان لاخية الانسان.

ام لم يعرفوا رسولهم؟

يقول الله تعالي فمحكم تنزيله: (ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) [المومنون: 69]، هذة الاية تشكل فالحقيقة مسوغا هاما لنا فتناول شخصية النبى -صلي الله علية و سلم- هذا ان معرفة رسول الله -صلي الله علية و سلم- فسيرتة و فسنتة و فشمائلة من اهم الامور التربوية التي تساعدنا علي الاقتداء بة صلي الله علية و سلم. فانة لا توجد سيرة اخري اجدي بان تقتدي و يحتفل فيها كسيرتة صلي الله علية و سلم. و فتاريخ البشرية كلها لا نجد حياة نقلت الينا تفاصيلها، و حفظت لنا و قائعها فو ضوح كامل، و تفصيل عميم شامل كما حفظت، و كما نقلت الينا حياة محمد بن عبدالله -صلي الله علية و سلم- رسول الله و رحمتة المهداة الي الناس اجمعين، فكل كلمة قالها، و جميع خطوة خطاها، و جميع بسمة تالقت علي محياه، و جميع دمعة تحدرت من ما قيه، و جميع مسعي سار لتحقيقه، و جميع مشاهد حياتة حتي ما كان منها من خاصة امره، و اسرار بيته، و اهله، نقل الينا موثقا باصدق ما عرف التاريخ الانسانى من توثيق و تدوين.

ولا عجب فهذا، فمادام الله ربما اختارة ليختم بة النبوة و الانبياء، فمن الطبيعى ان تكون حياتة منهجا جليلا لاجيال لا منتهي لاعدادها، و ان تكون هذة الحياة بكل تفاصيلها اشد و ضوحا، و تالقا من فلق الصبح و رابعة النهار، لا بالنسبة الي عصرة فحسب، بل بالنسبة الي جميع العصور و الاجيال.


ان حياة النبى -صلي الله علية و سلم- و شمائله، و جوانب شخصيته، و نتائج دعوتة درس لكل سالك الي طريق الله، و جميع قائد او مرب او رب اسرة او سالك اي سبيل من سبل الخير الي ان ينقطع الزمان.

و اهم ابعاد شخصيتة صلي الله علية و سلم، هو المحبه. فكيف كان النبى -صلي الله علية و سلم- رجل محبه؟ و ما هى الجوانب التي شملها ذلك الخلق العظيم؟ و ما موقفنا نحن تجاة محبته؟

صورة2

 



منهجة يدعو الي مجتمع المحبه:

انها لصورة قاتمة باهتة مخيفة تلك التي رسمها البعض للاسلام فاذهان الناس حتي صار الناس يخافون من الدين و من التدين؛ لانهم يظنونة شيئا قاسيا لا يرحم، و اتباعة غلاظ لا يلينون، و احكامة سيف قاطع علي الرووس.


وقد استثمر البعض الموقف، و اتهموا النبى -صلي الله علية و سلم- و الاسلام بالحقد و الكراهيه، و جميع اوصاف التجهم و التعصب و العنف، حتي لكلانها صارت حقيقه، و اسقط فايدينا، و ظن بعضنا ان ذلك الزيف حقيقه.


ولكن الحقيقة ان النبى -صلي الله علية و سلم- نور يستضاء بة فظلام الجاهليه، و محبة خالصة تولف بين القلوب، و ان الاسلام شمس مضيئة انارت ظلام الجاهليه، و هو دين الحب و الامل و الحياة و اليسر، و شجميلة هى شرائع الحق و العدل، و احكامة هى احكام الحياه.


وللقيمة الرفيعة لخلق الحب و المحبة فالحياه، و اهميتة فتحقيق السعادة للفرد و الاسرة و المجتمع و الامة و الانسانيه، فان النبى -صلي الله علية و سلم- سعي لتحقيقة بوسائل متعدده، و ربي اصحابة و امتة علي هذة النفسية الراقيه، و حث علي اشاعتة بين الناس، ببناء جميع العلاقات علي اساس من الحب؛ حب الله، و حب الخير، و حب الصلاح و الصالحين، و حب الانسانيه.


وبعبارة اخري فان نهجة صلي الله علية و سلم، و حياتة كلها دعوة للتحابب. عن ابى هريرة -رضى الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلي الله علية و سلم- فيما يروية مسلم فكتاب الايمان‏:‏ ‏”‏لا تدخلون الجنة حتي تومنوا‏، و لا تومنوا حتي تحابوا‏.‏ اولا ادلكم علي شيء اذا فعلتموة تحاببتم‏؟ افشوا السلام بينكم”‏‏.‏


وجاء فصحيح مسلم عن ابى هريرة كذلك عن النبى -صلي الله علية و سلم- قال‏:‏ ‏”‏سبعة يظلهم الله فظلة يوم لا ظل الا ظله‏:‏ الامام العادل‏.‏ و شاب نشا بعبادة الله‏.‏ و رجل قلبة ملعق فالمساجد‏.‏ و رجلان تحابا فالله: اجتمعا علية و تفرقا عليه‏.‏ و رجل دعتة امراة ذات منصب و جمال، فقال‏:‏ انى اخاف الله‏.‏ و رجل تصدق بصدقة فاخفاها حتي لا تعلم يمينة ما تنفق شماله‏.‏ و رجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه‏”.‏ فمن الناس الذين يصلون الي تلك المرتبة العالية يوم القيامة ‏‏(ورجلان تحابا فالله‏)‏ فاجتمعا علي حب الله و افترقا علي حبه‏.‏ بمعني ان اسباب اجتماعهما حب الله، و استمرا علي هذا حتي قضي الله امرا كان مفعولا فتفرقا بموت او سفر او غيره، و هما صادقان فحب جميع و احد منهما صاحبة للة تعالى، حال اجتماعهما و افتراقهما‏.‏


ليس ذلك فحسب، بل ان شرائع الاسلام و احكامة كلها دعوة للمحبه، فالزكاة مثلا التي هى قرينة الصلاة و جوبا و اهميه، فان المستفيد منها و هو الفقير يشعر بانة ليس و حدة فالمجتمع، و انما هو فرد فجماعة لا تنساة و تكفله، و من هنا تتلاشي الاحقاد و تنبت المحبة و الالفه، و كذا تكون الجماعة كالجسد الواحد، الغنى يدفع من ما ل الله الذي عندة فيجد البركة و النماء، و الفقير يتناول رزق ربة فيسد حاجته، و المجتمع ينقي و يطهر من الامراض الخبيثه.


ولهذا فان حب الخير للناس مما يقوم علية و يتقوي بة ايمان المومن، الا تري الي قولة صلي الله علية و سلم: “لا يومن احدكم حتي يحب لاخية ما يحب لنفسه”، و يقول النبى -صلي الله علية و سلم-: “ان رجلا لم يعمل خيرا قط، و كان يداين الناس، فكان اذا ارسل غلامة للتقاضى يقول له: خذ ما تيسر، و اترك ما عسر، و تجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك سالة الله تعالى: هل عملت خيرا قط؟! قال: لا الا اننى كنت اداين الناس فكنت اقول لغلامي: خذ ما تيسر و اترك ما عسر، و تجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فقال الله له: ربما تجاوزت عنك”.


فهذة العلاقة بين المومن و المومن يحرص عليها النبى -صلي الله علية و سلم- لانها تهب الجماعة المسلمة قوتها و صلابتها؛ فلا تهون و لا تتفتت و لا تعبث فيها الفتن، فيقول صلي الله علية و سلم: “المومن للمومن كالبنيان يشد بعضة بعضا”، و يقول صلي الله علية و سلم: “مثل المومنين فتوادهم و تعاطفهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكي منة عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر و الحمى”، فان جميع مومن هو لبنة فبناء المجتمع، يدخل الايمان بينة و بين غيرة كالمونة اللاصقة الجاذبة الموضوعة بين لفتيات البناء، فيشتد البناء و يقوي و ترتفع هامته، بعدها ان من فيض الايمان تنبعث الرحمة الهاديه، التي ترجو ما عند الله، و انه لحق، حيث يقول النبى -صلي الله علية و سلم-: “المسلم اخو المسلم، لا يظلمة و لا يسلمة و لا يخذله، و من كان فحاجة اخية كان الله فحاجته، و من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنة كربة من كربات يوم القيامه، و من ستر مسلما سترة الله فالدنيا و الاخره”. هذا هو الحب الذي جاء بة محمد -صلي الله علية و سلم- لبناء المجتمع عليه.

النبى الانسان المحب:

واذا التفتنا الي حياتة الخاصة صلي الله علية و سلم فبيتة و مع اولادة و اهل خاصتة و جدناة المثل الاعلي فالحب و الود و الشفقه. فكان صلي الله علية و سلم يحب الاطفال، و يقبل اولاده، و يعطف عليهم، و يامر بالمساواة فالمحبة بينهم، كما كان يحب اهلة و زوجاته، و هو القائل: “حبب الى من دنياكم ثلاث: الطيب و النساء، و جعلت قرة عينى فالصلاه”.


لقد كان صلي الله علية و سلم يحترم و يود و يحب زوجاته، و يقدر مشاعرهن بكيفية لا يرقي اليها اي من المحبين الذين ادعوا او احبوا اهليهم و اولادهم.


لقد كان قدوه، بل خير قدوة صلي الله علية و سلم، فقد كان يعيش بين ازواجة رجلا ذا قلب و عاطفة و وجدان، حياتة مليئة بالحب، و الحنان، و الموده، و الرحمه.

ومما يذكر انه كان مع عائشة -رضى الله عنها- التي يحبها كثيرا، يراها تشرب من الكاس فيحرص جميع الحرص علي ان يشرب من الجهة التي شربت منها، و هى صورة يندر ان يقوم بة مدعو الحب بيننا، انه حب النبى محمد -صلي الله علية و سلم- للصديقة فتاة الصديق رضى الله عنهما.


ومن توددة لها و زيادة فحبها انه كان يسابقها فو قت الحرب، يطلب من الجيش التقدم لينفرد بام المومنين عائشة ليسابقها و يعيش معها هذا الحب الزوجى الراقي.

وفى المرض، حين تقترب ساعة اللقاء بربة و روحة تطلع الي لقاء الرفيق الاعلى، لا يجد نفسة الا طالبا من زوجاتة ان يمكث ساعة احتضارة صلي الله علية و سلم الا فبيت عائشه، ليموت و راسة علي صدرها، ذاك حب اسمي و اعظم من ان تصفة العبارات او تجيش بة المشاعر.


انة رسول الله -صلي الله علية و سلم- يرسم لنا طريقا للحب فريدا من نوعة اوسع مما حصرتة بها مفاهيمنا المادية العلمانية التي تضيق علينا و اسعا و تحرمنا من مشاعرنا. و لذا فهو فحبة ذلك لعائشة -رضى الله عنها- لا يجعلة ذلك الحب ان ينسي او يتناسي حبة العظيم الخالد لخديجة الكبري التي كانت احب ازواجة اليه، و التي قدمت له فساعة العسرة ما لم يقدمة احد اخر.


وفى لحظة شعور امراة تسالة السيدة عائشة -رضى الله عنها- و تقول: ما لك تذكر عجوزا ابدلك الله خيرا منها (تعنى نفسها)؟! فيقول لها: لا و الله، ما ابدلنى زوجا خيرا منها، و يغضب لذلك، و يبين لها ان حب خديجة لم يفارق قلبة ابدا، هذا هو الحب الوفى الذي يريد ان يعلمنا اياة رسول الله -صلي الله علية و سلم- انه يعلمنا انه يحب عائشه، و لكن يحب كذلك خديجة -رضى الله عنها- كما يحب زوجاتة الاخريات رضى الله عنهن.


ومما تذكرة كتب السيرة انه صلي الله علية و سلم حج بنسائه، فلما كان فبعض الطريق نزل رجل فساق بهن فاسرع، فقال النبى كذلك، سوقك بالقوارير –يعنى النساء– فبينما هم يسيرون برك لصفية فتاة حيى جملها، و كانت من احسنهن ظهرا، فبكت و جاء رسول الله -صلي الله علية و سلم- حين اخبر بذلك، فجعل يمسح دموعها بيده، و جعلت تزداد بكاء و هو ينهاها.


انة لموقف رائع من الحبيب محمد -صلي الله علية و سلم- مع زوجتة حين مسح دمعتها بيده، بعدها امر الناس بالوقوف و النزول، علما بانة لم يكن يريد ان ينزل. لم يحقر النبى -صلي الله علية و سلم- مشاعر صفية و عواطفها، بل احترمها و انزل القافلة كلها من اجلها. فكم منا من رجل مسح دموع زوجتة و طيب خاطرها!


انة محمد النبى الحبيب -صلي الله علية و سلم- مسح الدمعة بيده، و مرر يدة الكريمة علي خد زوجتة فقمة من مشاعر الحب و الاحترام و الاعتناء و التقدير لعواطف المراة و مشاعرها. و الذين يتفاخرون اليوم من الغربيين و من العلمانيين باحترام المراة لم يبلغوا و لن يبلغوا ما قام بة محمد صلي الله علية و سلم.


ابراهيم بن محمد:


لقد ابتلى النبى -صلي الله علية و سلم- بما لم يبتل بة احد، و لكنة كان المثل الاعلي فالاحتساب و الصبر، و حين ما ت ابنة ابراهيم علية السلام، اهتزت مشاعر الابوة و الحب، فيبكى و يحزن “ان القلب ليحزن و ان العين لتدمع، و انا يا ابراهيم علي فراقك لمحزنون”. يعلمنا علية الصلاة و السلام كيف يصبح الحب، و كيف يصبح الحزن علي فراق الحبيب، و لكن جميع هذا فحدود ما يرضى الله تعالى. انهما حب و حزن نابعان من اب نبى بشر تتجلي فية اعلي معانى الحب و الرحمة و الشفقة علي فراق الاحبه، و لكنة حب لا ينسية انه مبلغ عن الله، و ان امانة الرسالة اعظم الامانات. و لذا حينما كسفت الشمس و ظن بعض الناس انها لموت ابراهيم، قال صلي الله علية و سلم: “ان الشمس و القمر ايتان من ايات الله، لا تنكسفان لموت احد او حياته”.


ويمتد حبة لامتة صلي الله علية و سلم التي كان يبكى من اجلها فهداة الليل، فقد كان يقف فسكون الليل و ظلمتة الحالكة ليصلى صلاة التائب علي الرغم من انه غفر له ما تقدم و ما تاخر من ذنبه، و كان فذلك الليل يتذكر امتة و يسكب عليها الدموع، و يسال الله: “امتي، امتي”.


حاجة البشرية و الحضارة للحب:


فقد تفقد الحياه  كرامتها و قداستها حينما تتحول جميع المعانى و القيم و العلاقات الي اشكال و ما ديات و مظاهر.


ولفقدان الحب  صار يحتفل بة كما يحتفل باى شيء اخر، و يخصص له يوما، و كان بقية الايام ليست للحب، و فية يتذكر العشاق بعضهم بعضا من اثناء تبادل الهدايا و البطاقات، او اي شيء ما دي، و صارت تنفق اموال طائلة فمناسبة عيد الحب، بل ان من الناس من يفلس بهذة المناسبه.


وارتبط الحب فبعض المفاهيم بالجنس و العرى و تبادل الغراميات المحرمه، او تلك التعبيرات المزيفة الجافة الفارغة من اي معنى.


ولكن الحب الحقيقى الذي جاء محمد -صلي الله علية و سلم- لتعليمنا اياة هو هذا الحب المرتبط بالله تعالي و بنهجة فالحياه، و بما ارتضاة من علاقات و معان و قيم و تعبيرات عن المشاعر.


ونختم بهاتين الايتين المعبرتين عن عمق الحب و اهمية ارتباطة بالله تعالى. يقول الله تعالى:(ومن اياتة ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم مودة و رحمه…)[الروم:21] و يقول عز و جل: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم) [ال عمران: 31].


السلم و السلام فشخصة صلي الله علية و سلم:


وفى هذة الفقرة من الموضوع نتناول السلم و السلام فشخصة -صلي الله علية و سلم- و فسيرتة و دعوتة و الدين الذي جاء به، ليدرك القارئ الكريم ان السلم و السلام – بلغة العصر- كان مشروعا استراتيجيا للنبى -صلي الله علية و سلم- شاملا للاشخاص و الازمان و الامكنه، و لم يكن اجراءات مرحليه، او تخطيطا و قتيا لتفادى مشكلات معينه، بل لكى يدخل الناس (فى السلم كافه) [البقره: 208] و يعم السلام بان (يصبح الدين لله) الذي هو دين الاسلام و السلم، هذا ان (الدين عند الله الاسلام)، و رب العباد يدعو الي السلام، قال تعالى: (والله يدعو الي دار السلام) [يونس: 25].

السلم مبدا و مسلك و غايه:

ان الاسلام دين السلم و شعارة السلام، فبعد ان كان عرب الجاهلية يشعلون الحروب لعقود من الزمن من اجل ناقة او نيل ثار و يهدرون فذلك الدماء، جاء الاسلام و اخذ يدعوهم الي السلم و الوئام، و نبذ الحروب و الشحناء التي لا تولد سوي الدمار و الفساد.


و لذا فان القران جعل غايتة ان يدخل الناس فالسلم جميعا، فنادي المومنين بان يتخذوة غاية عامه، قال الله -عز و جل- مخاطبا اهل الايمان: (يا ايها الذين امنوا ادخلوا فالسلم كافه) [البقره: 208]، بل ان من صفات المومنين انهم يردون علي جهالات الاخرين بالسلم، فيصبح السلم هنا مسلكا لرد عدوان الجاهلين، قال تعالى: (…واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). هذا ان مسلك السلم لا يستوى و مسلك العنف، و مسلك العفو لا يستوى و مسلك الانتقام، و مسلك اللين لا يستوى و مسلك الشدة و الغلظه، و لذلك كان رسول الله -صلي الله علية و سلم- يدعو و يوصى دائما اصحابة بالدفع بالتى هى احسن، و الاحسان الي المسيئين، مصداقا لما قال تعالي موصيا سيد الخلق اجمعين -صلي الله علية و سلم-: (…ولا تستوى الحسنة و لا السيئة ادفع بالتى هى اقوى فاذا الذي بينك و بينة عداوة كانة و لى حميم) كما انهم دعوا الي الجنوح للسلم فقال تعالى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها و توكل علي الله) و شجع القران المسلمين علي التزام السلم – و ذلك و قت الحرب- و طالبهم بتلمس السلم ان و جدوا ردا ايجابيا من الطرف الاخر، فقال تعالى: (فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و القوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا).

 لا اكراة فالدين: سلم دون تلفيق:

الاسلام رسالتة و اضحه، و النبى -صلي الله علية و سلم- كان و اضحا و سيبقي دينة و اضحا للعالمين، بان هنالك فرقا بين احترام حرية الاخرين فاختيار ما يعتقدون، و بين التلفيق بين الاديان، او قبول اديان الضلاله.


فالاسلام متناسق و واضح و منسجم مع منطقة الداخلى و مع الحقيقة الموضوعيه، و لذا فانة لا يقبل التلفيق بين الاديان، فالاسلام هو الحقيقة المطلقه، و لا يقبل بحال من الاحوال قبول العقائد الاخري فمنطق الاسلام، كما ان التاكيد علي التمايز بين الحق و الضلال و اضح فمنهجة -صلي الله علية و سلم- و هذا فسورة الكافرون حيث يقول تعالى:(قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون و لا انتم عابدون ما اعبد و لا انا عباد ما عبدتم و لا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم و لى دين)، و لكن فالوقت نفسة لا يصح بحال من الاحوال اجبار و اكراة الاخرين علي قبوله، و لذا بين القران الكريم ان (لا اكراة فالدين) لانة (تبين الرشد من الغي).


بل ان القران نفسة بة ايات كثيرة تدعو الي احترام عقائد الاخرين حتي و لو كانت فاسدة و غير صحيحه، و هذا لسماحة الاسلام حتي فمقابل اصحاب العقائد الضالة التي لا قداسة لها فنظر الاسلام. فامرنا الله تعالي بعدم ايذاء غير المسلمين و اثارتهم و اهانة دينهم او اديانهم عبر سب الهتهم فقال سبحانه: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، بل دعانا الي اتخاذ مسلك احدث اكثر ايجابية و مبدئيه، و هو منهج الاحسان و الدعوة بالحسني بدل السب و الشتم و الشحناء؛ لانة مناقض لمنهج الاسلام و غايتة فتحقيق السلم، فقال تعالى: (ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتى هى اقوى ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيلة و هو اعلم بالمهتدين).

صفح من اجل السلم:

من اجل تحقيق رسالتة فالسلم فان النبى -صلي الله علية و سلم- يعلمنا مسلكا مهما احدث لتحقيق السلم، و هذا من اثناء حثنا علي الصفح و غض النظر عن اساءة الاخرين. و وضع القران الكريم لذا ايات بينات تعد دستورا يقول تعالى: (وان تعفوا و تصفحوا و تغفروا فان الله غفور رحيم). [التغابن: 14]، و قال سبحانه: (وليعفوا و ليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم). [النور: 22]، و قال تعالى: (فاعف عنهم و اصفح ان الله يحب المحسنين) [المائده: 13]، و قال عزوجل: (وان الساعة لاتية فاصفح الصفح الجميل) [الحجر: 85]، و قال سبحانه: (فاصفح عنهم و قل سلام فسوف يعلمون) [الزخرف:89] ، و قال تعالى: (فاعفوا و اصفحوا حتي ياتى الله بامره) [البقره: 109]. ذلك بالاضافة الي الايات التي تدل علي الغفران و الغض عن السيئة و المحبة و الاحسان و ما اشبه.


ولقد كان النبى -صلي الله علية و سلم- نموذجا و قدوة فالصفح و العفو من اجل السلم مبدا و غايه، لقد كانت المرحلة المكية من الدعوة النبوية فترة عصيبة اوذى بها النبى -صلي الله علية و سلم- فشخصة الكريم، و فاهل بيتة و فصحابته، و لكنة لم يكن يرد الايذاء، بل كان يرد ردا جميلا، فحين كان ابو لهب يرمية بالحجاره، و ام رائع تلقى فكيفية الاشواك، و بعض الكفار يلقى سلي الشاة علي راسة و هو قائم يصلى عند الكعبه، و بعضهم يبصق فو جهة الطاهر الشريف، و ابو جهل يشج راسة و غيرها، كان صلي الله علية و سلم يقول: “اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون”، بعدها انه لما انتصر علي قوي الكفر و الطاغوت و رجع الي مكة فاتحا كان ارحم باهلها من الام بولدها، و حقق السلم المطلق فلم ترق قطرة دم ففتح مكه، و لما قال بعض اصحابه: “اليوم يوم الملحمه” قال: “بل اليوم يوم المرحمه”، و خاطب اهل مكة قائلا: “ما تظنون انى فاعل بكم”، و ربما اقدرة الله عليهم، قالوا: “اخ كريم و ابن اخ كريم”، فقال: “اذهبوا فانتم الطلقاء”، و كان يوما سجلة التاريخ فتحقيق الفتح بالسلم، فهل هنالك سلم كسلم محمد صلي الله علية و سلم.

الحج دورة مكثفة لتعلم السلم:

هنالك صلة جميلة بين خليل الله ابراهيم علية السلام ابى الانبياء، و بين الحج و بين الاسلام و بين السلام. فالاسلام دين الحنيفية السمحه، و هو ملة ابينا ابراهيم، و هو الذي سمانا المسلمين من قبل، و هو الذي اذن فالناس بالحج، فكان محمد -صلي الله علية و سلم- النبى الخاتم الذي اكتملت علي يدية الرسالة و اختتمت النبوة و تمت بة النعمه.


والعجيب فالامر ان شعيرة الحج مرتبطة كذلك بتقديم الاضحية التي هى حيوان يقدم قربانا للة تعالى، و هى سنة سنها ابونا ابراهيم الخليل فدية عن ابنة اسماعيل الذبيح عليهما السلام.


وكان الله تعالي يعلمنا ان الحنيفية السمحة جاءت لتحقيق السلم من اثناء تخليص بنى البشر من سفك الدماء و قتل النفس و افتدائها بالذبح العظيم الذي امر الله تعالي به.


ول ربما رسخ الاسلام شعائر الحج و رتبها بكيفية تجعل الحاج فسلم شامل، ليس مع الناس فقط، بل مع جميع شيء؛ الشجر و الحجر و الحيوان و مع الكون كله، تسليما لرب العالمين.


ان الحج تجربة تمثل و رشة مكثفة للتدريب علي الشحن الروحى و التعبئة علي السلم و التدريب علي محاربة نوازع النفس السيئه. و ان الاضحية التي يقدمها الحاج و الطواف بالبيت العتيق تمثل شعيرة خالدة تعبر عن هذا الاعلان العالمى الابراهيمى بالتوقف عن تقديم القرابين البشريه، و توديع عقلية العالم القديم، فحل المشاكل بالعنف، لذلك كان الحج فترميزة المكثف، تدريبا سنويا لشحن الانسان بالروح السلاميه، فالمظهر متشح بالبياض، و الكعبة اصبحت بيت =الله الحرام، فيحرم ممارسة العنف بكل اشكالة و امتداداته، فلا جدال فالحج، الجدال بمعني التنازع و التوتر، و ينعم الجميع ببحيرة للسلام فارض غير ذى زرع، و يامن الطير و الدواب و الانسان علي انفسهم من العدوان، بعد ان كان الناس يتخطفون من حولهم، و يمتد السلام من النفس الي البدن فلا ينتف الشعر او تقص الاظافر، و ينتهى بتدشين تجربة علي ظهر الارض، سنوية لا تقبل الالغاء او التاجيل، للسلام الزمانى المكاني، فالبيت الحرام من اثناء الاشهر الحرم.


ان الحج يعلمنا ان العالم كلة ينبغى ان يتحول الي حرم امن فكل و قت، و لذا ياتى ذلك التدريب السنوى لملايين من البشر علي تحقيق مطلق السلم مع جميع المخلوقات فالبلد الامين فالاشهر الحرم.


كما انه يعلمنا السعى لتحقيق السلام العالمى من اثناء هذة التجربة الانسانية الفريده، التي يتم بها التدريب سنويا علي السلام و السلام المطلق مع المكان و الزمان و الكائنات، و هو بذلك يذكرنا اننا يبنبغى ان نوسع من هذة الورشة و الدورة المكثفة و ننقلها الي المستوي الانسانى الاوسع، بتبنى الاسلوب السلمى فبقية الاماكن و بقية الاوقات و مع مختلف القضايا.


الجهاد مسلك لتحقيق السلم:

معني الجهاد:


الجهاد كلمة شاملة تعنى لغويا الجد و المبالغة و بذل الوسع و المجهود و الطاقة كما فقولة تعالى: (والذين لا يجدون الا جهدهم). و تعنى اسلاميا تحقيق الايمان الحقيقى و ما يتمخض عنه، و مقارعة جميع ما يبغضة الله من كفر و انحلال و فسوق، و من بعدها قال ابن تيميه: “الجهاد حقيقة الاجتهاد فحصول ما يحبة الله من الايمان و العمل الصالح، و من دفع ما يبغضة الله من الكفر و الفسوق و العصيان” (كتاب العبوديه، ص104). و ربما و ردت كلمة الجهاد فالقران الكريم فمواضع كثيره،، و مما و رد فالقران الكريم من استعمال لكلمة (جهاد) قولة تعال: (لكن الرسول و الذين امنوا معة جاهدوا باموالهم و انفسهم و اولئك لهم الخيرات، و اولئك هم المفلحون) [التوبه: 88]، و قوله: (يا ايها النبى جاهد الكفار و المنافقين و اغلظ عليهم و ما واهم جهنم و بئس المصير) (التوبه، 72)، و قوله: (فلا تطع الكافرين و جاهدهم جهادا كبيرا) [الفرقان: 52].

اهمية الجهاد فمنهج نبى الرحمة و المحبة و السلام:


ان الجهاد فمعني القتال هو احد المسالك التي سنها النبى -صلي الله علية و سلم- بوحى من الله تعالي من اجل ان يعم السلام و ينتشر الخير و يدفع تسلط الطواغيت و الظلمة و الكافرين، انقاذا للمظلومين، و تحقيق لحرية الناس و حقهم فالعيش فامن و سلام، و ربما امر الله تعالي نبية الكريم بجهاد الكفار و المنافقين بوقله: (يا ايها النبى جاهد الكفار و المنافقين و اغلظ عليهم و ما واهم جهنهم و بئس المصير)، و قولة تعالى: (فقاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون)(التوبه: 12)، كما امرنا ان نعد العدة من اجل ردع الظالمين و ارهابهم حتي لا يروعوا الامنين، فقال تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون بة عدو الله و عدوكم و اخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم).[ الانفال: 60].

كما ربط الله تعالي بين القتال و بين ذكر الله تعالى، فقال عز و جل: (يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) [الانفال: 45]، و حرم الله استدبار العدو الكافر بقوله: (يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار و من يولهم يومئذ دبرة الا متحرفا لقتال او متحيزا الي فئة فقد باء بغضب من الله و ما واة جهنم و بئس المصير). [الانفال: 15-16]، داعيا الي بذل الغالى و النفيس من اجل تحقيق السلم الذي ياتى من اثناء انتشار معانى حب الله و الجهاد فسبيله، و الي تفضيل هذا علي الاباء و الابناء و الاموال و العشيرة علي الدنيا الفانية و الشهوات و الهوى، فقال عز من قائل: (قل ان كان اباوكم و ابناوكم و اخوانكم و ازواجكم و عشيرتكم و اموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها احب اليكم من الله و رسولة و جهاد فسبيلة فتربصوا حتي ياتى الله بامرة و الله لا يهدى القوم الفاسقين)[ التوبه: 24].

وقد و هب الله سبحانة المجاهدين درجات عليا و جزي المستشهدين فسبيلة جزاء اوفي قائلا بمنح الجنة للمجاهدين فسبيلة باموالهم و انفسهم: (ان الله اشتري من المومنين انفسهم و اموالهم بان لهم الجنه) [التوبه: 111]، و مبشرا الشهداء بانهم احياء عند ربهم يرزقون: (ولا تحسبن الذين قتلوا فسبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون) [ال عمران: 169]، (ولا تقولوا لمن يقتل فسبيل الله اموات بل احياء و لكن لا تشعرون) [البقره:154] جميع ذلك ليس رغبة فالقتال من اجل القتال، و ليس رغبة فسفك الدماء، و لكنة دفع للعدوان حينما تنتفى الدوافع و المسالك السلمية لتحقيق السلم، و ان يصبح الدين لله. و لذا فان الله تعالي يشدد علي المومنين بان يصبح جهادهم علي و عى تام بمبادئة و غاياته، فلا قتال لمن اراد السلم، قال تعالى: (ولا تقولوا لمن القي اليكم السلم لست مومنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) [النساء: 94]، و قال تعالى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها) [الانفال: 61]، كما ان المنهج النبوى يوكد عدم العدوان بقولة تعالى: (فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و القوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) [النساء: 90] لان القتال يصبح لمن بدا بالعدوان و من اجل انهاء العدوان فقط، قال تعالى: (فقاتلوا فسبيل الله الذين يقاتلونكم) و قال سبحانه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم فالدين و لم يظهروكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم) [الممتحنه: 8].

صورة3

 



لماذا جاهد رسول الله صلي الله علية و سلم؟

كما سبق القول فان الاسلام دين محمد -صلي الله علية و سلم- و منهجة لم يفرض الجهاد رغبة فالسيطرة و التوسع، او كسبا للمنافع الدنيويه، او ارغاما للناس علي تركهم عقائدهم السابقة و الدخول فالدين الجديد، او حبا فاظهار القوة و التفوق الحربي، و انما شرع دفعا للظلم، و مقاومة للباطل و مقارعة للكفر، و نشرا للعدل و الحرية و السلام عن طريق كسر الاطواق المضروبة حولها، و تحقيقا لاهداف الدعوة الي الله، و دفاعا عن الاعراض و الاوطان و الاموال.


والمتتبع لسيرتة صلي الله علية و سلم يجد انه ما قاتل الا لتحقيق السلم و نشر العدل و بناء الاخوة بين الناس من اثناء رد العدوان و كسر طوق الظالمين. فالنبى -صلي الله علية و سلم- و اصحابة اخرجوا من ديارهم بغير حق، فامرهم الله تعالي بقتال من يعتدى عليهم، و باخراج من يحاول اخراجهم من ديارهم و اراضيهم، (واخرجوهم من حيث اخرجوكم) [البقره:191]، و لكن فاطار العدل و السلم كمسلك و غايه، فقال تعالى: (وقاتلوا فسبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين] [البقره: 190].


كما ان الجهاد شرع لفتح الطريق امام الفضيلة و الخير و العدل و السلم اذا و قف اهل الباطل فطريق السلام العالمي، و من اجل ان تتحقق الحرية و الامن و السلام للمستضعفين فالارض، قال تعالى: (ومالكم لا تقاتلون فسبيل الله و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان، الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذة القرية الظالم اهلها و اجعل لنا من لدنك و ليا و اجعل لنا من لدنك نصيرا) [النساء: 75].


وبما ان النبى -صلي الله علية و سلم- جاء رحمة للناس كافه، كما قال تعالى: (وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا و نذيرا و لكن اكثر الناس لا يعلمون). [سبا: 28]، و ارسل دينة رحمة لجميع مخلوقاته، و هذة هى بعض دوافع شرع الجهاد، و هى و اضحة فانها مسلك لتحقيق السلم و فتح الافاق امام الناس حتي لا تكون هنالك فتنة او سفك للدماء بغير و جة حق. فنى الله محمد صلي الله علية و سلم  بحق رجل المحبة و الرحمة و السلام.

  • مقالة عن الرسول
  • اجمل مقال الرسول
  • الحب الحقيقي كيف كانت السيدة عائشة تعامل النبي
  • الرسول عليه الصلاة والسلام عن المرأة
  • ما حقيقة الاطفال في الجنة مه ابراهيم عليه السلام
  • مقال عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام
  • مقالات عن اصحاب الامانات
  • مقاله عن الرسول عليه الصلاة والسلام


مقالات عن الرسول( عليه افضل الصلاة والسلام )