مقالات اقتصادية

الاستحواذ على الشركات المساهمه في مصر

تعتبر 2024 سنه الاستحواذ على الشركات المساهمه في مصر، وذلك بعد ن استحوذت ” مجموعه
براج الماراتيه ” عن طريق حدى شركاتها وهي شركه ” كريد هيلثكير ل تى دى
” ذات مسئوليه محدوده على حوالي 52% من سهم شركه مستشفى القاهره التخصصى المقيده فى
البورصه المصريه، بقيمه جماليه للصفقه تقدر ب 105 مليون جنيه.

واستحواذ رئيس مستشفى السلام الدولي والمساهم الرئيسي بها على حصه البنك الهلي وبنك مصر في
شركه السادس من كتوبر لجراحه القلب المالكه لمستشفى دار الفؤاد بقيمه 118 مليون جنيه ليصبح
كبر مساهم بها بنحو 36% بصوره مباشره ومن خلال شركات تابعه. وتمتلك دار الفؤاد 80%
من سهم الشركه الطبيه العربيه الدوليه التي تقوم بنشاء مستشفى دار الفؤاد بمدينه نصر حاليا
بتكلفه استثماريه نحو مليار جنيه، وتمتلك يضا حصه في شركه دار الفؤاد الطبيه بالكويت التى
تدير مبنى للخدمات الطبيه.

هذا بالضافه لى العديد من عروض الاستحواذ المقدمه للهيئه العامه للرقابه الماليه للموافقه عليها ومنها
عرض شركه ” هكسلاي هولدنج ليمتد “، المملوكه بصوره غير مباشره لمجموعه براج الماراتيه لشراء
نسبه 30.46% من سهم شركه القاهره للاستثمار والتنميه العقاريه.

وعرض تحالف رجل العمال المصري نجيب ساويرس مع بنك الاستثمار بلتون للاستحواذ على 20% من
سهم المجموعه الماليه هيرمس، والذي فشل لن السعر المقدم قل من القيمه الحقيقيه للسهم، وفقا
لتقرير المستشار المالي المستقل لمجموعه هيرمس.

وخيرا وليس خرا هناك خمس عروض محليه وعربيه ودوليه مقدمه للاستحواذ على شركه بسكو مصر
التي تسست عام 1957 ولها ثلاث مصانع في مناطق صناعيه مقامه على راضي ممتازه، ويعمل
بها ربعه لاف عامل وموظف، وتحقق نمو مطرد في المبيعات والرباح على مر السنين. فقد
تقدمت شركه جهينه ولا لشراء بسكو مصر وتم رفض عرضها، وبعدها تم رفض عرض شركه
حلواني السعوديه، ثم تقدمت صافولا السعوديه ومجموعه براج المارتيه بعرضيهما وقبل البت فيهما قدمت شركه
” Kellogg’s ” كلوقز المريكيه عرضها للاستحواذ على بسكو مصر، وعلى ما يبدو فن العرب
والمريكان يشتهون البسكويت المصري.

بجانب هذه الاستحواذات المنفذه والعروض الموثقه هناك معلومات ونباء غير موثقه عن مفاوضات بين مجموعه
براج الماراتيه وعدد خر من المستشفيات ومعامل التحاليل الطبيه للاستحواذ عليها، ونباء عن استهداف رجل
العمال المصري نجيب ساويرس تنفيذ عمليه استحواذ كبيره على شركه مصريه متخصصه فى مجال الطاقه
البديله.

ما تقدم يعني ن استحواذات 2024 مجرد بدايه لها ما بعدها، فمن المتوقع زياده نشاط
الاندماجات والاستحواذات خلال الفتره القادمه، وهو ما يستدعي مناقشه موضوعيه للوقوف على معنى الاندماج والاستحواذ،
والفرق بينهما، وهداف الاندماج والاستحواذ، وهل الاندماج و الاستحواذ يتمان بشفافيه وفصاح؟ وما هي مخاطر
الاندماج والاستحواذ على الاقتصاد؟.

معنى الاندماج

الاندماج هو التحام شركتين و كثر، ويؤدي لى زوال الشركات المندمجه لصالح ظهور كيان جديد
ينتقل ليه جميع حقوق والتزامات الشركات الزائله.

معنى الاستحواذ

الاستحواذ يعني السيطره الماليه والداريه لحد الشركات على نشاط شركه خرى، وذلك عن طريق شراء
كل و نسبه من السهم العاديه التي لها حق التصويت في الجمعيه العامه للشركه المستحوذ
عليها سواء تم شراء السهم بالاتفاق مع الداره الحاليه و بدون، لن المهم ن تسمح
النسبه المشتراه للشركه المستحوذه بالهيمنه على مجلس داره الشركه المستحوذ عليها.

الفرق بين الاندماج والاستحواذ

على الرغم من تشابه العمليات السابقه على تمام عقود الاندماج و الاستحواذ، من حيث دور
الوسطاء، ومعايير تقييم الصول، وعداد الترتيبات الخاصه بتحديد مصير العقود المرتبطه بتلك الشركات، وحصص المساهمين،
لا ن هناك معياران للتفريق بين الاندماج والاستحواذ هما:

1- المقابل الممنوح: ذا كان المقابل المدفوع لمالكي سهم الشركه مال ي ثمن وليس حصه
اعتبرت العمليه استحواذ وليس اندماج، ما ذا كان المقابل حصه فهو اندماج وليس استحواذ.

2- مل الشركه: ذا لم تنقضي الشركه بعد شراء شركه خرى لسهمها تكون العمليه استحواذ
وليس اندماج، ما ذا انقضت الشركه المباع سهمها في الشركه المشتريه و انقضت الشركتين المباعه
والمشتريه لتنش على ثر انقضائهما شركه جديده فالعمليه اندماج وليس استحواذ.

هداف عمليات الاندماج والاستحواذ

مما لا شك فيه ن التغيرات السريعه والمتلاحقه في النظام الاقتصادي العالمي، والمتمثله في العولمه
والحوكمه والحريه الاقتصاديه، وزاله العوائق وفتح السواق مام تدفق التجاره، وقامه التكتلات الاقتصاديه، وازدياد المشكلات
الاقتصاديه والماليه التي تواجه الدول المتقدمه والناميه على حد سواء؛ وكذلك الزمه الماليه العالميه في
2008 والتي تحتاج جميع الدول وقتا لتتعافى اقتصاداتها من ثارها التي لازلت موجوده حسب تصريح
صندوق النقد الدولي. كل هذا دى لى زياده حده المنافسه بين الشركات، وزياده التحديات التي
تواجهها، فكان من الطبيعي زياده عمليات اندماج الشركات و الاستحواذ عليها لمواجهه هذه التغيرات والثار.

والاندماج في الغالب يكون بين الشركات الصغيره والمتوسطه وهو خيار استراتيجي لهذه الشركات نحو التكتل
والتحالف لخلق كيان جديد وعملاق ذات تقدم تقني ورسمالي وتكنولوجي يمكنه استغلال حده المنافسه العالميه
لصالحه، ويكون له القدره على تحقيق الهداف التي لا تستطيع ن تحققها كل شركه بمفردها،
و للتغلب على مشاكل قائمه و متوقعه في المستقبل لهذه الشركات؛ ومن المفترض ن يكون
اندماج الشركات معا في كيان كبر هو الطريق المثل لتحقيق العديد من اليجابيات ومن همها:

• الاستفاده من مزايا الحجم الكبير في توفير قوه تفاوضيه في سوق مستلزمات النتاج مما
يؤدي لى خفض التكاليف، وزياده القدره التنافسيه في سوق السلع النهائيه.

• يساعد الاندماج بين الشركات المماثله على نمو هذه الشركات بسرعه في قطاعها و في
قطاع جديد و مكان جديد، دون الحاجه لى نشاء كيانات و مشروع مشترك و فروع
جديده.

• يوفر الاندماج استخدام التكنولوجيا المتقدمه والخبرات الفنيه والصناعيه والتدريب للعماله وهو ما يؤدي لى
تحسين النتاجيه وتطوير النظمه الداريه والماليه.

• زياده كفاءه الحصول على التمويل من المؤسسات الماليه المحليه والعالميه بشروط ملائمه.

• الاندماج قد يكون الحل المثالي لبعض الشركات المتعثره والمهدده بالفلاس.

ما الاستحواذ فغالبا ما تقوم به الشركات العملاقه ذات رؤوس الموال الضخمه والتي تستخدم التكنولوجيا
المتقدمه في عمالها، وليست بحاجه لى الاندماج لن مراكزها الماليه قويه، وصناعتها متطوره وقادره على
الصمود والمنافسه؛ وهذه الشركات العملاقه تقوم بعمليات الاستحواذ لتحقق هدافها في الدخول لى سواق جديده
و التحكم في منتج معين و السيطره على السواق بالاستحواذ على الشركات الصغر، وخاصه التي
تعمل في نفس المجال.

الشفافيه والفصاح في عمليات الاندماج والاستحواذ

رغم وجود لوائح لهيئه سوق المال تنظم عمليات الاندماج والاستحواذ لا ن العداله مفتقده في
هذه العمليات، وذلك لعدم وجود قدر مناسب من الشفافيه والفصاح وخاصه في مسله تقييم صول
الشركات المستهدفه بعمليات الاندماج و الاستحواذ. وليس بخاف عن الكثير الممارسات غير القانونيه، والتي يمكن
وصف بعضها بنها غير خلاقيه ويشوبها الاحتيال والتمويه المتعمد والمدروس، وللسف في حيان كثيره يتم
ذلك بالتعاون مع بعض المديرين التنفيذيين و حد عضاء مجلس داراه الشركه المستهدفه.

يضاف لى ذلك ن السيطره على شركه لا يتطلب ن يمتلك المستحوذ كثر من 50%
من رس مال الشركه المستحوذ عليها، فقد ثبت بما لا يدع مجال للشك ن السيطره
الفعليه على ي شركه يحدث في كثير من الحيان بتملك 10% و 15% من سهم
الشركه، وذلك بسبب ظاهره تغيب المساهمين عن اجتماعات الجمعيات العامه للشركات؛ فالكثير من المساهمين يعتبرون
نفسهم مجرد مستثمرين فينصب كل اهتمامهم على توزيعات الرباح عن مساهمتهم، ويغيب عنهم نهم الملاك
الفعليين للشركه وصحاب القرار فيها عن طريق التصويت في الجمعيه العامه، ونتيجه لذلك يصبحوا غير
معنيين بقرارات مجلس داره الشركه بشن الاندماج و الاستحواذ وتثيره على ملكيتهم في الحقيقه.

مخاطر الاندماج والاستحواذ

وجود يجابيات للاندماج والاستحواذ لا ينفي وجود مخاطر كبيره من همها احتكار قطاعات اقتصاديه وصحيه
وتعليميه لها تثير مباشر على دخول الفراد وصحتهم وثقافتهم. وتقييم الصول بقل من قيمتها لغياب
الشفافيه والفصاح يؤدي لى الضرار بحقوق المساهمين، كما ن بعض عمليات الاندماج والاستحواذ يكون هدفها
القضاء على المنافسه عن طريق البيع بسعار قل من التكلفه لفتره زمنيه محدوده لحين خروج
المنافسين، ومن ثم رفع السعار على المستهلكين لتعويض الخساره وتحقيق مزيد من الرباح، وهذه الممارسات
تلقى معارضه قويه من الحكومات والجمعيات العامه للمساهمين وجمعيات حمايه حقوق المستهلك.

هذا وفي كثير من الحيان تقوم بعض الشركات العالميه بشراء الشركات المحليه بهدف الاستحواذ على
ممتلكاتها من الراضي والصول العقاريه الواقعه بماكن متميزه، ثم تقوم بنقل المصانع الى مناطق خرى
نائيه، وتخير العمال بين نقل سكنهم وعائلاتهم ومدارس طفالهم ليها وبين تقديم استقالاتهم؛ وبعدها تبيع
الراضي وتحقق مكاسب خياليه، وهو ما يؤدي لى تفاقم مشكله البطاله بسبب فقد لاف العمال
لوظائفهم. وفي حيان خرى لا يكون الاندماج و الاستحواذ بهدف التطوير و اكتساب المهارات الفنيه
لتحقيق الربح، ونما بهدف الخروج من زمه تمويليه و للهروب من الفلاس فتكون النتائج سلبيه
كثر منها يجابيه.

ولنه من المتوقع ن يشهد سوق المال في الفتره المقبله دخول العديد من صناديق الاستثمار
والشركات الجنبيه الراغبه في الاستحواذ على قطاعات حيويه في الاقتصاد المصري، وهو ما يعني تقديم
المزيد من عروض الاستحواذ على المستشفيات الكبرى، ومصانع الدويه، ومعامل التحاليل الطبيه بهدف السيطره على
القطاع الطبي، وكذلك سيكون هناك عروض خرى مقدمه للاستحواذ على شركات عريقه في قطاع التصنيع
الغذائي مثل بسكو مصر التي تمتلك صول عقاريه وراضي وهم من ذلك سوق مفتوحه ورباحها
في ازدياد مستمر؛ لذا فن هذه المقاله تعد بمثابه رساله تحذيريه للحكومه ومطالبه لها بضروره
التدخل لوقف ي عمليات اندماج و استحواذ غير عادله و تشوبها ممارسات احتكاريه و تضر
بحقوق المواطنين ومصالحهم.