مقالات احمد حلمى مقال مجرد سوال مقال مضحك جدا بقلم احمد حلمى يقول احمد حلمى
فيه اشمعني الشباب مش الطفوله؟! جايز عشان الشباب يعني القوه والادراك والنضوج.. طيب ما الطفوله برضه..
يعني البراءه واللعب والمرح وعدم تحمل المسئوليه دون مساءله
مجرد سوال.. لماذا قال الشاعر ابو العتاهيه: «الا ليت الشباب يعود يوما.. فاخبره بما فعل
المشيب»، ولم يقل «الا ليت الطفوله تعود يوما..»؟ لماذا الشباب؟ وليست الطفوله.. هل لان من
في سن الشباب سيكون ادراكه واستيعابه بما فعل المشيب بصاحبه اكثر من فهم من هو
في سن الطفوله؟ مع ان الاطفال دلوقتي بيفهموا كل حاجه.. هل يا تري فيه سبب
اخر لتفضيل مرحله الشباب عن مرحله الطفوله؟ بالرغم من انني اسمع كثيرا من الناس يقولون
ان اجمل ايام هي ايام الطفوله، ويتمنون ان يعودوا اطفالا مره اخري.. طبعا انا مش
هاعرف، هل هناك سبب اخر غير ذلك السبب: «المعني في بطن الشاعر»، ودي اجابه كنت
دايما باجاوبها في امتحان العربي لما يجي سوال عن قصيده بيقول: ما معني البيت؟ فكانت
الاجابه طبعا: «المعني في بطن الشاعر»، وكنت طبعا باسقط، لان المعني كان في كتاب الوزاره
مش في بطن الشاعر.
ولان انا لم يعبر بي بعد قطار العمر من محطه الشباب، لكي اشعر بما يحمله
هذا الشطر الشعري من احاسيس قالها الشاعر، بعد ان قضي مرحله شبابه، لذلك قررت ان
افكر فيها من منطلق كونها مقوله مجرده من الاحاسيس التي لا لن استطيع ان اشعر
بها الان، وربما افهمها عندما ابلغ الستين ويملا راسي الشعر الابيض.. ده لو ماصبغتش، ولكن
ما سافكر فيه الان: لماذا تم تفضيل الشباب عن الطفوله، ولن افكر من وجهه نظر
الشاعر، ولكن من وجهه نظري الشخصيه.. اي انني سافكر، لو كنت انا فرضا فرضا فرضا
-لا سمح الله- قد قلت هذا البيت بنفس النص الذي قاله الشاعر الكبير ابو العتاهيه..
طبعا لو كنت انا اللي قلته اكيد ماكنتش هاسقط في العربي.. بس خلونا نفترض مجازا
او بجاحه ان انا اللي قلته.. اذن اكيد هايكون هناك سبب لاختيار مرحله الشباب عوضا
عن مرحله الطفوله، وسيكون المعني وقتها ليس في بطن الشاعر، ولكن في بطني انا.. ما
انا اللي قايل بقي، وكل واحد ادري باللي في بطنه.. فلنبدا بالتفكير، وفكروا معايا لو
كنتوا شله قاعدين مع بعض.. اشمعني الشباب مش الطفوله؟! جايز عشان الشباب يعني القوه والادراك
والنضوج.. طيب ما الطفوله برضه.. يعني البراءه واللعب والمرح وعدم تحمل المسئوليه دون مساءله.. في
حد مايتمناش يرجع طفل تاني، ويلعب ويتنطط.. المرحلتين فيهم حاجات حلوه.. قعدت افكر: ليه لو
كنت كتبت البيت ده، كنت هاقول: الا ليت الشباب مش الطفوله! يبقي اكيد فيه حاجه
في مرحله الطفوله خلتني مش عايز ارجع طفل تاني.. ملقتش قدامي غير اني افكر واحاول
احلل ليه انا قلت كده؟ ليه؟ ليه؟.. ليه مش عايز ترجع طفل؟ مش عارف.. لقيت
ان مفيش مفر من اني احاول افتكر طفولتي.. جايز لما افتكرها الاقي فيها حاجه ترشدني
لسبب كتابتي البيت مستخدما لفظ الشباب مش الطفوله، وفعلا ضلمت الاوضه، وعملت كل الحاجات اللي
تخليني افتكر، فافتكرت يادوب وانا في سادسه ابتدائي، ودي مرحله الغلاسه مش الطفوله.. افتكرت بقي
النكت اللي الواحد كان بيقولها وسط اهله، ويحرجهم بيها قدام الضيوف من كتر بواختها.. ومحدش
بيضحك غيري.. وان حد ضحك من اللي قاعدين.. يبقي بيخفي ورا ضحكته لفظ معتقدش انك
تحب تسمعه.. المهم بعد ده كله، مافتكرتش برضه.. قلت طيب ما اطلع صوري وانا صغير..
جايز تفكرني بحاجه، وفعلا طلعت كل صوري وانا صغير.. لقيت صوره، وانا باكل مكرونه، وملحوس
بقي صلصه، وصوره وانا فاتح بقي وباعيط، وصوره وانا لابس ايشارب امي.. صور تخليك تكره
طفولتك.. مش تكرهها بس.. دي تخليك تندم انك اتولدت اساسا.. مالقيتش امل في الصور ممكن
يرشدني لاجابه سوالي.. فقدت الامل، وفتحت النور وقطعت الصور، ورن التليفون، ورديت: الو.. مين؟ ايوه
انا محسن ابن خالتك.. اصله لسه مخلف جديد.. ولد اسمه ادم، وكان لازم اروح ابارك
له.. قلت له حاضر يا محسن هاعدي عليكو بالليل.. جبت هديه لادم ابن محسن ابن
خالتي.. ورحت له، وكان البيت في الاول مافيهوش ناس كتير.. بس ابتدوا يزيدوا.. المهم دخلت
وبصيت علي ابنه ادم اللي نايم جنب امه عفاف مرات محسن ابن خالتي، ولسه هالاعبه
واقوله: «بس بس بس».. عايز اقولوكوا ان انا تقريبا افتكرت طفولتي.. ادم فكرني بطفولتي.. واول
حاجه افتكرتها نور جامد، وكنت شايف كل حاجه بالمشقلب، وكان فيه واحد قعد يهوشني بايده
قدام عيني، ولما بربشت من الخوف.. بطل يهوشني، بس ضربني علي «اللامواخذه».. انا مش فاهم
حاجه.. جايز ضربني عشان بابربش؟ مش عارف.. راح ضربني تاني، ولاني ماكنتش باعرف اتكلم.. رحت
معيط، واللي حرق دمي اني اول ما عيطت، راح ضاحك، وامي كمان ضحكت، وابويا ضحك..
كل الموجودين ضحكوا، وانا مش ناسيهالهم لحد دلوقتي.. بعد كده لفوني في قماشه بيضه وحطوني
جنب امي، وجات بنت لابسه بالطو ابيض، وقعدت تلاعبني، وبعدين خدتني من جنب امي، ومشيت
بيا في طرقه طويله.. خفت وعيطت.. وفجاه البنت الجميله اللطيفه اتحولت وكشرت وقعدت ترجني وتهزني
وتقولي: هش هش.. مافهمتش اهش ليه؟ هو انا دبانه؟! طب والله ما انا هاشش.. ابتدت
تشتم، وتقولي اخرس بقي.. اسكت، وبعدين دخلت بيا اوضه كده مكتوب عليها: «حضانه»، وحطتني في
درج بلاستيك زي درج التلاجه كده.. فضلت نايم في الدرج ده كام يوم كده.. الناس
تيجي تبص عليا وتمشي..
كان ناقص بس يرمولي فول سوداني، وبعد كده روحنا البيت، وامي غيرت هدومها، فعرفت ان
ده بيتنا، لان اكيد امي مش هاتغير هدومها عند الجيران، وكان البيت فيه ناس مش
كتير.. بس ابتدوا يزيدوا شويه بشويه، وكل شويه الاقي واحد جه بص في وشي وراح
مصفرلي، وكاننا اصحاب، وتيجي واحده تبصلي وتقعد تعمل اصوات غريبه.. ادغ ادغ ادغ.. اكررركرركركر.. ايه
الناس دي؟! اول مره يشوفوا عيل؟! وبعدين هو مين اللي عيل بالظبط؟! انا ولا هما؟!
ده غير بقي اللي يقولي: «ياختي كميله انتي».. ياختي.. ليه؟! هي امي مش قايلالهم انها
مخلفه راجل؟! وليه «كميله»؟! ما هي طول عمرها «جميله» بالجيم.. ناس عيال صحيح.. ده غير
بقي ان كل واحد وواحده من دول اول ما يوصل عندي.. يقوم دابب ايده تحت
مخدتي وسايب فلوس.. مابقتش فاهم.. هما بيلموا تبرعات عليا ولا ايه؟! وبعدين جه واحد قاعد
يرفعني لفوق كده، ويعمل نفسه هايسيبني، وكاني هاقع، ويمسكني تاني في اخر لحظه.. ايه يا
عم انت هزار الكبار ده؟ هو انا قدك؟! جه بقي عيل صغير كده، وراح باصصلي
بتمعن وكانه بيشبه عليا، وفجاه راح لاسعني حته قلم علي قفايا، وجاري.. راحت امي اخيرا
وبعد صمت طويل مزعقه.. وبقيت هاموت واعرف مين ابن الكلب ده اللي ضربني علي قفايا،
ولما ماما قالتله: كده تضرب اخوك يا حبيبي.. عرفت حاجتين في قت واحد .. ان
اللي لسعني بالقفا يبقي اخويا، وان اللي شتمته.. ابويا، وفجاه فقت من سرحاني، وانا باصص
لادم ابن محسن ابن خالتي.. علي صوت ايد بترقع علي قفا «ادم» ابن محسن ابن
خالتي، وامه بتزعق فيه، وبتقوله: كده تضرب اخوك يا كريم؟! رحت ضاحك وميلت علي ادم،
وقايله في ودنه: الله يكون في عونك.. الا ليت الشباب يعود يوما، وساعتها عرفت المعني
اللي في بطن الشاعر.. وليه قال: الا ليت الشباب، وليس الطفوله.. الا ليت الشباب يعود
يوما.. فاخبره بما فعل الناس بي وانا طفل».