اجمل مقالات اسرية

ماهي مميزات الفلسفة المعاصرة

 

ماهي مميزات الفلسفة المعاصرة B214757102D4326677A0145A00B48902

مميزات وخصائص الفلسفه الحديثه
كان للفلسفه الحديثه خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا ان نلمح سريعا لشيء
من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد اشير الى انه من الصعب تحديد فكر
معين تحديدا دقيقا، يقول الدكتور بصار في ذلك: كانت محاولات المورخين للفكر الانساني شاقه ومضنيه،
بل وبالغه غايه التعقيد .
فكلما حاولوا ان يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من اطواره، امعنوا في الغموض،
واوقعوا في الحيره .
وكلما قصدوا بيان الى بيان واضح يسترشد به الباحثون والدارسون في تبويب المعرفه الانسانيه وتصنيفها،
شط بهم القصد، وذهب بهم الجهد بعيدا عن مرمى غايتهم وتحقيق غرضهم
تميزت الفلسفه الحديثه بما يلي :
1 .حريه الفكر :
بحيث لا يومن المفكر باي راي، الا بعد امعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفه
عن الدين، فوجدت فلسفه الحاديه، واخرى تتحدث عن المسيحيه لكن على انها مجرد عاطفه دينيه
فقط، وثالثه تشيد بالعلم الالي .
2 .اصطناع منهج جديد :
بحيث يوصل الى المعرفه الصحيحه .
3 .اتجاه الفلسفه الى احتواء جميع العلوم :
هذا مع ملاحظه ان هذه الصفه الثالثه، قد تغيرت منذ بدات العلوم تتقلص عن شجره
الفلسفه .
4 .العنايه بالانسان :
وتتمثل هذه الفلسفه في بيكون وديكارت، الا ان بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل الى معرفه
العلوم الطبيعيه، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفه
العامه ( ) .

4 – اهم فلاسفه الفلسفه الحديثه
1 . رينيه ديكارت
( 1596 – 1650 )

يعرف ديكارت على انه «ابو الفلسفه الحديثه»، وذلك لان البرنامج الفلسفي الذي وضعه لنفسه والمنهج
الذي اتبعه في تحقيق هذا البرنامج قد شكل قطيعه مع فلسفات العصور الوسطى، واحدث تاثيرا
بالغا في الفلاسفه المحدثين اللاحقين. والغريب ان ديكارت فى عمله الفلسفي الاساسي وهو «تاملات في
الفلسفه الاولى» لا يبدو منه ان هدفه فلسفي تماما، ذلك لان العنوان الفرعي للكتاب هو
«وفيه تتم البرهنه على وجود الله والتمييز بين العقل والجسد». هذا العنوان الفرعي لا يجعل
من كتاب التاملات كتابا فلسفيا بل كتابا لاهوتيا يثبت صحه الايمان والعقيده، الايمان باله واحد
وبعقيده البعث والخلود بما انه يثبت امكان انفصال الروح عن الجسم وبقائها بدونه. بهذا الشكل
يكون كتاب «التاملات» تبريرا للايمان عن طريق العقل، وبذلك لن يكون مختلفا عن اي من
فلسفات العصور الوسطى التي اتبعت نفس الطريق، بل سيكون مشابها لاعمال علماء الكلام المسلمين في
الدفاع عن العقائد الايمانيه بالادله العقليه. والاكثر من ذلك ان ديكارت يهدي كتاب «التاملات» هذا
لمدرسه اللاهوت بجامعه السربون. لكن يجب على المرء ان يستوعب جيدا دوافع ديكارت في فلسفته
وفي اهدائه الكتاب الى علماء اللاهوت. لقد كان هدف ديكارت الاساسي الوصول بالعقل الى الاستقلال
في الامور الميتافيزيقيه، وهذا الاستقلال خليق بان يجعل العقل والتفكير العقلاني مستقلا عن سلطه الكنيسه.
كانت الكنيسه في ذلك الوقت لا تزال تحتكر الايمان والموضوعات الميتافيزيقيه، ومن ثم اراد ديكارت
ان يثبت امكان توصل العقل انطلاقا من مبادئه الخاصه الى الايمان والعقيده دون الاعتماد على
سلطه مسبقه من كتب مقدسه او رجال دين. وهذا الهدف كان كفيلا بان يثير ضده
ثوره رجال الدين، ومن ثم كي يحمي ديكارت نفسه اهدى كتابه لهولاء انفسهم منعا لاحتمال
مقابلتهم لكتابه بالرفض.
لم يكن ديكارت يرفض وجود الله او خلود النفس، بل على العكس، اذ اثبتهما بمنهجه
العقلى في «التاملات». وما كان يرفضه ضمنا هو امكان الوصول اليهما بطرق اخرى غير العقل
والبرهان. فحسب منهج ديكارت، فان احد اهم قواعده تنص على انه لن يسلم باي شئ
ما لم يكن واضحا متميزا ويتمتع بصحه عقليه عن طريقه البرهان العقلي. ومعنى هذا ان
ديكارت يعتقد ضمنا ان سلطه الكتاب المقدس لا تكفي لتقبل الايمان والعقيده، اذ هما في
حاجه الى برهان عقلي، وبالتالي تكون الفلسفه اعلى واهم في اثباتهما. ومن اجل هذا المضمون
الثورى لفلسفه ديكارت فقد حرص على اهداء «التاملات» الى رجال الدين تقربا منهم واتقاء لاحتمال
معارضته ومواجهه فلسفته.
وعلى الرغم من ان ديكارت يهدف في «التاملات» الى اثبات وجود الله وخلود النفس، الا
ان ذلك لم يشكل كل اهدافه، اذ كانت اوسع من ذلك بكثير. اعتقد ديكارت منذ
تاليفه لكتاب «مقال عن المنهج» ان المعرفه الحقه لا يمكن تاسيسها الا بالافكار الواضحه المتمايزه،
ولا يمكن الوصول الى الوضوح والتمايز الا اذا تخلى المفكر عن كل الافكار المسبقه، ذلك
لان كل ما يرثه الانسان من افكار عن طريق اسلافه او محيطه الاجتماعي
لا يتوافر فيه الوضوح والتمايز، بل غالبا ما يكون غامضا بسبب عدم خضوعه لمحاكمه العقل.
ولذلك يبدا ديكارت تاسيسه للمعرفه الحقه بشك منهجي يستطيع به فحص الافكار المسبقه والوقوف على
بدايه اولى واضحه بذاتها ويقينيه عقليا تكون ثابته للمعرفه( ). وهكذا يمارس ديكارت في التامل
الاول شكا منهجيا، وهو منهجي لانه لا ينتمي الى رفض كل المعارف او التوصل الى
استحاله وجود اساس ثابت لليقين بل الى التوصل الى يقين اول يوسس عليه الصدق في
المعرفه. والملاحظ ان اليقين الاول الذي يتوصل اليه ديكارت بعد الشك هو وجود الذات المفكره

او الانا افكر، وذلك انطلاقا من الشك نفسه. اذ يذهب الى انه ما دام يشك
فهو يفكر، وطالما يفكر فهو موجود: «انا اشك اذن انا افكر اذن انا موجود». فعلى
الرغم من ان هدف كتاب «التاملات» هو اثبات وجود الله وخلود النفس، الا ان الهدف
الحقيقي لديكارت الوصول الى يقين اول يسبقهما معا، وهذا اليقين هو اثبات وجود الذات او
الانا افكر، وعن طريقها يتم اثبات وجود الله، من منطلق ان هذا الانا افكر لم
يكن موجودا دائما، وبالتالى فهناك سبب لوجوده، وسبب الوجود يتمثل في الخلق من العدم، وهكذا
فان وجود الانا حادث ومخلوق وفي حاجه الى خالق وهو الاله. كما ان في الفكر
الانساني فكره واضحه متمايزه عن الكمال، وبما ان الانسان ليس كاملا فلا يمكن ان يكون
هو مصدر فكره الكمال، وبالتالي يجب ان يكون هناك كائن كامل هو مصدر هذه الفكره
لدى الانسان وهو الاله. وهكذا يتوصل ديكارت الى اثبات وجود الله عن طريق وجود الانا.
وهذا هو الجانب الثورى في فلسفه ديكارت، اذ يجعل الانا هي الاساس والنقطه الاولى التي
يبدا بها لاثبات وجود الله. ومعنى هذا ان وجود الانا هو اليقين الاول الذي يتمتع
باقصى درجات الصدق والمعقوليه، ثم يكون وجود الله تاليا وتابعا له. وهنا اختلفت فلسفه ديكارت
عن فلسفات العصور الوسطى التي كانت تبدا من وجود العالم منطلقه منه الى اثبات وجود
خالق لهذا العالم، وهو ما يسمى بالدليل الكوزمولوجي. لكن شك ديكارت في وجود العالم ولم
يعتقد في امكان اثبات وجود الله عن طريقه لان وجود العالم لا يتمتع باليقين والوضوح
الذي تتمتع به الانا افكر او الكوجيتو. وعندما وضع ديكارت وجود الانا باعتباره اليقين الاول
الذي يوسس عليه وجود الاله ذاته كان محدثا لثوره في الفكر الاوربي، اذ كان بذلك
مفتتحا لعصر يعطى الاولويه للانسان وللذات الانسانيه ويعلي من شان الفرديه، تلك الافكار التي لم
يكن لها حضور في لاهوت العصور الوسطى والتي غابت فيها الذاتيه الانسانيه في انساق لاهوتيه.

حياته واعماله:
ولد رينيه ديكارت في 31 مارس سنه 1596 في مدينه لاهي بفرنسا، لكن اسرته كانت
ترجع في اصلها الى هولندا. ينتمي ديكارت الى اسره من صغار النبلاء، حيث عمل ابوه
مستشارا في برلمان اقليم بريتانيا الفرنسي. وكان جده لابيه طبيبا، وجده لامه حاكما لاقليم بواتيه.
وفي سنه 1604 التحق ديكارت بمدرسه لافلشي La Fliche ، وهي تنتمي الى طائفه دينيه
تسمى باليسوعيه، وقد تلقى ديكارت فيها تعليما فلسفيا راقيا يعد من ارقى الانواع في اوربا
وبدا فيها ديكارت في تعلم الادب، ثم الفلسفه واخيرا الرياضيات والفيزياء. وتخرج ديكارت من الكليه
سنه 1612 حاملا شهاده الليسانس في القانون الديني والمدني من جامعه بواتيه سنه 1616( ).

وعلى عاده النبلاء في ذلك العصر، نصحه ابوه بالالتحاق بالجيش الهولندي، اذ كان هذا الجيش
افضل جيوش اوروبا نظاما وخبره، وكان يشكل مدرسه حربيه لكل من اراد ان يتعلم فن
الحرب. وبالفعل رحل ديكارت الى هولندا سنه 1618 وتعرف هناك على طبيب هولندي يدعى اسحق
بيكمان، وكان متبحرا في العلوم، وشجعه على دراسه الفيزياء والرياضيات وعلى الربط بينهما، وكانا يمارسان
معا طريقه جديده في البحث تطبق الرياضيات على الميتافيزيقا، وترد الميتافيزيقا الى الرياضيات، وقد كان
لهذه الطريقه ابلغ الاثر في تطور ديكارت الفكري وفي تشكيل فلسفته، اذ ان منهجه ومذهبه
الفلسفي لن يختلف كثيرا عن طريقه البحث هذه( ).
غادر ديكارت هولندا سنه 1619 وذهب الى المانيا، وهناك اكتشف الهندسه التحليليه التي اشتهر بها
ووضع يده على قواعد منهجه الفلسفي. وفي سنه 1620 بدا في السفر متنقلا بين العديد
من المدن الاوربيه لمده تسع سنين، وفيها باع املاكه التي ورثها عن امه، وعرض عليه
ابوه ان يشتري له وظيفه حاكم عسكري فرفض ديكارت واثر ان يعيش حياه العزله. وفي
سنه 1628 غادر فرنسا الى هولندا حيث قضى فيها فتره كبيره من حياته. والذي جعله
يفضل هولندا انها كانت انذاك من اقوى واغنى الدول الاوروبيه واكثرها ازدهارا في العلوم والفنون.
وفي سنه 1629 بدا ديكارت في كتابه رسالته «العالم Le Monde » وفيها يبحث في
الطبيعه على اساس النتائج التي توصل اليها كوبرنيقوس وكبلر وجاليليو في النظام الشمسى ودوران الارض
حول الشمس، لكن حدث ان ادانت محكمه التفتيش في روما العالم الايطالي جاليليو سنه 1633،
خوفا من ان تودي اراء جاليليو الجديده الى سقوط الاعتقاد القديم بان الارض ثابته في
الكون والنجوم والكواكب تدور حولها وعندئذ خشى ديكارت ان يكون مصيره نفس مصير جاليليو، فلم
يكمل الرساله وكاد ان يحرق اوراقها وعزم على
الا يكتب اي شئ على الاطلاق( ).
لكن سرعان ما ادرك ديكارت انه لا يمكن ان يتوقف عن الكتابه نهائيا وهو الفيلسوف
الذي بدا صيته ينتشر وعندما احس ان الناس يتشوقون لمعرفه فلسفته عكف على الكتابه مره
اخرى، واخرج ثلاث رسائل تدور كلها حول الموضوعات الرياضيه والطبيعيه وهي عن انكسار الاشعه والانواء
الجويه والهندسه، وقدم لها بمقال صغير وهو «المقال عن المنهج» سنه 1636 وبلغ حد خوف
ديكارت ان طبع الكتاب دون ان يكتب اسمه على الغلاف. وقرر ديكارت ان يضع مذهبا
للفلسفه ويطبقه على الميتافيزيقا فاخرج سنه 1641 كتاب «التاملات في الفلسفه الاولى» الذي اهداه الى
الاميره اليزابيث البلاتينيه التي راسلها كثيرا واخذ يشرح لها فلسفته ويناقشها في امور الاخلاق والسياسه.
وعندما ذاعت شهرته وضع له ملك فرنسا راتبا سنويا يقدر بثلاثه الاف جنيه سنه 1647
لكنه لم يتلق منه شيئا اذ اثر حياه العزله. وفي سنه 1648تعرف على ملكه السويد
التي ناقشته طويلا في فلسفته عبر سلسله من الرسائل، واصرت على دعوته للسويد ليكون عونا
لها في اداره الحكم وشئون البلاد كمستشار، وعندما قبل الدعوه سافر الى استوكهلم عاصمه السويد
سنه 1649. وكانت الملكه تتردد عليه طويلا لمناقشته في فلسفته، لكن الطقس البارد للسويد لم
يكن مناسبا لصحته، فاصيب بالتهاب رئوي، فرفض نصائح الاطباء واثر ان يعالج نفسه بنفسه، وعندما
اشتد عليه المرض توفى في 11 فبراير سنه 1650.
2. سبينوزا
(1632-1677)

ولد باروخ سبينوزا بامستردام بهولندا سنه 1632، لاب وام يهوديين هاجرا من البرتغال. اضطر كثير
من يهود شبه جزيره ايبريا (اسبانيا والبرتغال) الى الهجره لكثير من دول غرب اوروبا هروبا
من اضطهاد السلطات هناك. وفي البدايه اضطروا الى اعتناق المسيحيه ، اما بعد ان وجدوا
مناخا متسامحا في هولندا فقد عادوا مره اخرى الى اليهوديه. كان والد سبينوزا تاجرا ناجحا
في امستردام، وبالاضافه الى تجارته تولى كثيرا من المناصب الدينيه في المجتمع اليهودي هناك، بل
وعددا من المهام التدريسيه المنصبه على تعاليم التلمود.
وكان سبينوزا تلميذا نجيبا وموهوبا، وتلقى تعليما دينيا في مدرسه الجاليه اليهوديه بامستردام، وعلى الرغم
من تعمقه في دراسه التوراه والتلمود، الا انه لم يتم اعداده ليصبح كاهنا يهوديا كما
اعتقد الكثير من كتاب سيرته( ). بعد وفاه ابيه تولى اخوه الاكبر شئون تجارته، وعندما
مات هذا الاخ، وقع على عتق سبينوزا اداره الشركه التجاريه التي تركها الاب. لكن لم
تكن لسبينوزا مواهب تجاريه ولم تكن شئون المال والاعمال من اهتماماته، ولذلك اهمل التجاره حتى
تراكمت الديون وتوقفت الشركه عن نشاطها. وعلى الرغم من ذلك فقد حصل سبينوزا على قليل
من مال ابيه مكنه من اكمال دراسته، وعندما لم يكفيه الميراث لمتطلبات حياته، انشغل في
عمل ذي طابع نادر في تلك الاونه وهو صنع العدسات الطبيه. ويبدو ان هذه المهنه
كانت هي الوحيده التي شدت انتباه سبينوزا وكانت متفقه مع ميوله، اذ كانت مهنه ذات
طابع علمي تعتمد على جانب نظري متعلق بعلم البصريات وجانب عملي يعتمد على العلم التجريبي
والخبره المعمليه.
تعرف في اوائل خمسينات القرن السابع عشر على السياسي الراديكالي المفكر الحر فان ده انده
Van den Ende ، الذي عرفه على الاداب اللاتينيه وعلى فلسفه ديكارت( ) وكلما زاد
اهتمام سبينوزا بالاداب والفلسفه قل ايمانه بالديانه اليهوديه، على الرغم من انه في هذه الفتره
كان مواظبا على حضور الاجتماعات والمناسبات الدينيه في المعبد اليهودى وملتزما باداء الصدقات والزكاه والتبرعات
للمجتمع اليهودي. لكن كل ذلك لم يشفع له لدى القائمين على الدين اليهودي، وهاجموه نظرا
لاراءه المتحرره التي نظروا اليها على انها متطرفه والحاديه، حتى انهم اصدروا في حقه سنه
1656 مرسوما بالحرمان، يحظر التعامل معه او محادثته من قبل اعضاء الجاليه اليهوديه. لكن هذا
المرسوم لم يذكر الاسباب التي دفعت الجاليه اليهوديه لحرمانه ولم تذكر اراءه تلك، ولذلك لا
نعرف على وجه الدقه السبب في هذا الحرمان ولاي اراء بالضبط. وكان هذا الحرمان عاملا
على مزيد من الابتعاد من قبل سبينوزا عن الديانه اليهوديه، والمزيد من اقترابه من الافكار
التنويريه الحديثه المليئه بالثوره على سلطه رجال الدين.
وفي اواخر الخمسينات من القرن السابع عشر تعرف سبينوزا على مفكر حر هو لود فيج
ماير، وكون معه ومع مجموعه من الاصدقاء المقربين جماعه قراءه ودراسه انصب اهتمامها على دراسه
فلسفه ديكارت. وعندما لاحظت الجماعه براعه وتعمق سبينوزا في الفلسفه الديكارتيه طلبت منه ان يكتب
لها ملخصا شاملا لها، وهكذا اخرج سبينوزا اول مولفاته وهو كتاب «مبادئ الفلسفه الديكارتيه»( ).
وعندما بدا سبينوزا من خلال هذه الجماعه فى وضع فلسفته الخاصه بدات الجماعه في دراسه
فلسفته ومناقشتها معه تاركه فلسفه ديكارت. وفي نفس هذه الفتره بدا سبينوزا في تاليف اول
عمل فلسفي خاص به وهو رساله في تهذيب العقل» Tractatus de intellectus emendotione ، وفيها
تناول سبينوزا طبيعه المعرفه وانواعها، والسبل المناسبه للوصول الى الفهم الصحيح لكل
ما يمثل خير الانسان، وذلك عن طريق علاجه من اوهامها واخطائه وتطهيره بمنهج سليم يستطع
به التمييز به بين الافكار الغامضه والواضحه والاهم من ذلك اثبات وحده العقل والطبيعه، وانه
ليس هناك اي تناقض بين الروح والجسم والفكر والماده، تلك الثنائيات التي سيطرت على فلسفه
ديكارت( ). والحقيقه ان سبينوزا لم يكمل هذه الرساله ولم ينشرها ابدا في حياته بل
نشرت بعد وفاته بعشرات السنين، ويرجع السبب في ذلك الى ان سبينوزا كان دائما ما
يكتب لجماعته النقاشيه الصغيره، ولذلك لم يكن لديه الحافز لنشر اراءه على الجمهور، اذ كان
يشعر ان افكاره ينقصها الكمال. كما يرجع السبب الى ان سبينوزا عندما اكتشف ان النتائج
النهائيه في رساله تهذيب العقل هي اثبات وحده العقل والطبيعه والقضاء على الثنائيات التقليديه في
تاريخ الفلسفه ترك العمل في الرساله واتجه اهتمامه الى عمل اكثر ميتافيزيقيه يركز على العلاقه
بين الفكر والوجود والروح والجسد، ولذلك عكف على تاليف رساله اخرى عنوانها: «رساله قصيره حول
الاله والانسان وصلاحه في الحياه» سنه 1661. لكنه سرعان ما توقف عن كتابتها بسبب اعتقاده
ان افكاره لن تنال القبول، وتركها كي ينشغل في عمل اخر يتناول فيه نفس الموضوعات
ولكن بمنهج جديد يستطيع به تقديم افكاره بصوره منطقيه تجبر قارئها على الاعتقاد بها دون
معارضه، وهذا هو المنهج الهندسي الذي يبدا بمسلمات وفروض ثم قضايا مستنبطه منها، وهو الذي
اتبعه في كتابه الرئيسي «الاخلاق». واستغرق منه العمل في هذا الكتاب سنوات طويله حتى اكمله
سنه 1675، ولم يستطع نشره الا قبيل وفاته باشهر سنه 1677 دون وضع اسمه على
الكتاب خوفا من السلطات الدينيه. وكان سبينوزا قد انشغل في اواخر الستينات باحد اهم مولفاته
وهو «رساله في اللاهوت والسياسه» الذي يتناول فيه قضيه العلاقه بين العقل والايمان، والسلطه الدينيه
والسلطه السياسيه، وفيه يثبت ان التفلسف ليس خطرا على الدوله او على الايمان، وان الحريه
الفكريه والدينيه ضروريه في دوله ديمقراطيه حديثه، وقد نشره سبينوزا في 1670 دون وضع اسمه
على الغلاف، وقد اتبع هذا الاسلوب ايضا مع كتاب الاخلاق سنه 1677( ). وعلى الرغم
من ذلك فان كل من عاصروا سبينوزا كانوا يعلمون انه هو مولف الكتابين. واخر عمل
انشغل فيه كان «رساله في السياسه» سنه 1676، ونشر بعد وفاته، وفيه يضع نظريته في
الحقوق الطبيعيه والمدنيه ويوضح افضليه النظام الديمقراطي والجمهوري، ويتناول فيه انواع الحكومات المختلفه من ارستقراطيه
وملكيه وديمقراطيه، موضحا افضليه النظام الديمقراطي على غيره. وتوفى سبينوزا في 21 فبراير 1677، وتولى
اصدقاءه بعد وفاته نشر طبعه كامله لمولفاته.

  • مميزات الفلسفة المعاصرة
  • خصائص و مميزات الفلسفة المعاصرة
  • خصائص الفلسفة المعاصرة
  • مميزات الفلسفة الحديثة
  • ماهي مميزات الفلسفة المعاصرة
  • مميزات الفلسفة
  • سمات الفلسفة المعاصرة
  • الفلسفة المعاصرة خصائها ومميزاتها
  • ما هي خصائص الفلسفة المعاصرة
  • الفلسفة المعاصرة خصائصها و مميزاتها
السابق
صور تعبر عن الحزن والفرح معا الحب
التالي
ديكور ارضيات بورسلين