لياتين على احدكم زمان لان يراني احب اليه من ان يكون له مثل اهله وماله،
حديث للرسول عليه الصلاه والسلام يحدث فيه عن امر مستقبلي حيث يتمنى المسلم حينئذ ان
يرى الرسول عليه الصلاه والسلام اكثر من اي شيء من متاع الدنيا وزينتها وان كانت
مال او بنون وهي اعز شيء من زينه الدنيا على نفس الانسان، ولاشك ان المسلم
في حياته يسعى لرضا الله – سبحانه وتعالى – فيبتعد عن المحرمات ويجتنب المنكرات ويلتزم
باوامر الله ويتمسك بسنه نبيه عليه الصلاه والسلام ولاشك ان نيل محبه الرسول عليه الصلاه
والسلام لا تتاتى الا بالتزام هديه واتباع سنته، قال تعالى: {قل ان كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم.} فعلامه المحبه هي الانقياد والطاعه لنهج
المحبوب، وادراك قدره عند الله سبحانه فهو من اصطفاه لرسالته وفضله على خلق،ه فكان كالشامه
بين الانبياء احيا به الله امما وانقذ به من الضلاله عوالما فهو سيد بني ادم
ولا فخر. وقد كان حب الصحابه للنبي عليه السلام حبا عظيما وقد حدث احد الكفار
قومه حين رجع من عند رسول الله وقد راى اصحابه ما يفعلون له فلا يتوضا
الا ابتدروا وضوءه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروا بصاقه ولا يسقط من شعره شيء الا
اخذوه متعجبا من حالهم محذرا قومه من مواجهتهم قائلا لقد رايت كسرى في ملكه وقيصر
في ملكه والنجاشي في ملكه وما رايت ملكا في قومه قط مثل محمد بين اصحابه
لقد رايت قوما لا يسلمونه لشيء ابدا. ومن راى الرسول عليه الصلاه والسلام في المنام
فقد راه حقيقه قال عليه السلام ( من راني في المنام فقد راني فان الشيطان
لا يتمثل بي ) وهذا اكرام من الله تعالى لنبيه وتفضيلا له على سائر خلقه
فربما يرى احدنا في منامه الكثير من الشخوص وغيرها يتمثل فيها الشيطان الا رويه النبي
عليه السلام يراها الانسان جليه ساطعه كسطوع الشمس تثلج صدر المسلم وتطفو نار الحنين في
قلبه لطب القلوب ودوائها وحبيب النفوس وروائها محمد عليه افضل الصلاه والتسليم. ومن اراد رويه
النبي عليه الصلاه والسلام فليكثر من الصلاه عليه ولا يسام من ذلك قال عليه السلام
من صلى علي صلاه صلى الله بها عليه عشرا، وكم يتمنى المرء ان تكون الصلاه
على النبي عليه السلام تلهمها النفس كما تلهم النفس ترددها من غير اراده، ففضل الصلاه
كبير عظيم لا يدركه الا اولو الالباب العارفين المستبصرين. وكذلك من اراد رويه النبي عليه
الصلاه والسلام فليستشعر عظمته ومحبته في قلبه وليدرك احتياج روحه اليه احتياج السمكه لماء البحر
فكيف لهذا للسمكه ان تعيش بدون ماء وكيف للنبته ان تعيش بدون سقاء، وفي الاثر
ما روي من قصه بين العالم واحد طلابه يساله عن رويه النبي عليه السلام فدعاه
الى بيته وجهز له الطعام وجعله شديد الملوحه وحرمه من شرب الماء حتى اذا اوى
طالب العلم الى نومه لم يرى في منامه سوى الانهار والبحار فلامست روياه حاجه نفسه
وتوقها للماء الذي حرم منه طوال يومه وكذلك رويه النبي عليه الصلاه والسلام لا تتاتى
الا بمثل ذلك فمن كان شوقه للنبي ورويته كحال ذلك الرجل حين اشتاق الى الماء
حين حرم منه فمن كان حاله كذلك واكثر مع طاعه الله والتزام اوامره واجتناب نواهيه
راى الرسول صلى الله عليه وسلم باذن الله جعلنا الله واياكم ممن يكرم برويه نبيه
ان الله ولي ذلك والقادر عليه.
- تفسير رويه الرسول
