شجره الدر احد اشهر الشخصيات العربيه والتي صارت سيده القصر وصاحبه الكلمه في حكم مصر
تزوجت زواجا شرعيا من الملك الصالح نجم الدين بن الملك الكامل
بن الملك العادل بن صلاح الدين اليوبي وقد اتخذها في البدايه جاريه له بعد ان
فتن بجمالها وقوامها وفيض جاذبيتها وذكائها لتصبح محظيته وم ولده خليل وقد كانت تناديه يابا
خليل وبسبب شجره الدر ترك نجم الدين زوجته العالمه ام ولده غياث الدين تورانشاه وقد
اختلف المؤرخون في تحديد جنسيتها; فقيل انها رومانيه وقيل انها جركسيه وفي التاريخ ما ان
يذكر اسم شجره الدر حتي يقترن به اسم مرجانه الجاريه الثانيه لنجم الدين وقد اشتراها
من حلب والتي كان يحكمها نائبا عن والده الملك الكامل الذي كان يحكم مصر حتي
توفي عام635 هجريه(1238 ميلاديه) وكانا يعتقدان- شجره الدر ومرجانه- انهما من بلده واحده فيجبال القوقاز
ساقهما النخاسون طفلتين صغيرتين وباعوهما للمراء والحكام في بلاد الشام.
وقد كانت شجره الدر ومرجانه محل استلهام العديد من الفنانين المستشرقين ليقوموا برسمهما في العديد
من لوحاتهم المتحفيه التي تجمع بين الواقعيه والشاعريه والمثاليه وقد نشطت حركه الاستشراق بصوره تدريجيه
منذ سقوط الدوله البيزنطيه في القرن الخامس عشر حتي وصلت الي ذروتها في القرنين الثامن
عشر والتاسع عشر ليبدع هؤلاء الفنانون الغربيون من خلال تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا روائع خالده في
رسم الجواري وسيدات القصور وجنحه الحريم وربات الجمال من نساء الشرق بمفاتنهن النثويه الموحيه بالجمال
والثاره.
بعد وفاه الملك الكامل ملك مصر استولي علي الحكم ابنه الصغر سيف الدين ابو بكر
الملقب بالملك العادل الثاني حيث كان الابن الكبر نجم الدين في حصن كيفا واليا وحاكما
له وهو حصن من حصون المشارق يقع علي حدود تركستان وكان يري نجم الدين انه
الحق بالعرش وقرر انتزاع الحكم بالقوه فصحب زوجته وابنهما ومرجانه وزحف علي رس جيشه الصغير
المؤلف من عشرات الجنود وبعض المماليك وعلي رسهم بيبرس,وايبك وقلاوون واقطاي, متوجهين نحو الجنوب فاعترضه
الناصر داود ابن عم نجم الدين وصاحب قلعه الكرك الشاهقه اسوارها الحصينه ابراجها والتي تقع
عبر نهر الردن ويبسط صاحبها من خلالها نفوذه علي البقاع المجاوره وقد بقي نجم الدين
وبعض خاصته ونسائه في قبضه الناصر داود بعد ان اوقعه مع جيشه في كمين شتت
شملهم ليودعهم سجون القلعه سبعه اشهر كامله وكانت الجاريتان شجره الدر ومرجانه خلف قضبان احدهما
وقد تسمرت عيناهما ذات يوم علي باب سجنهما ينتظران قدوم سيدهما نجم الدين بعد ان
اقتادوه ليتباحث مع الناصر داود وظل لساعات في مفاوضات متشعبه ولم تكن هناك عداوه بين
نجم الدين والناصر داود لكنها مساومه علي اقتسام الغنيمه وتوزيع النفوذ افضت الي ان يستقل
الناصر داود بحكم الشام وينتزع نجم الدين حكم مصر من اخيه ويزف نجم الدين هذا
الخبر الي شجره الدر والتي كانت صاحبه الحظوه بعد ان اثرها علي مرجانه التي اصبحت
وصيفه لها بالغت في التقرب منها رغم اكتوائها بنار الغيره حيث كانت تهيم بحب سيدها
وقد كانت تجيد الحكايا والساطير وتضرب الودع وتجيد قراءه الطالع فقد تعلمت كل ذلك عندما
كانت ملكا لحد امراء الفرس في جبال اللاذقيه وقد تنبت لشجره الدر بالجلوس علي العرش
وستصبح الحاكمه بمرها وذلك ضمن حكايا ليالي قلعه الكرك وقد استغلت مرجانه كل ذلك لتسيطر
علي سيدتها شجره الدر بتوجيهاتها ونصائحها لتصل الي مربها في الانتقام منها حينما تواتيها الفرصه.
تركت شجره الدر ومرجانه مع سيدهما نجم الدين قلعه الكرك تنفيذا للصفقه التي تمت مع
الناصر داود متوجهين الي مصر لتبدا فيها الحداث بخلع نجم الدين اخاه سيف الدين والزج
به في السجن بقلعه صلاح الدين وزاد علي ذلك بن قتله خنقا في سجنه عام637
هجريه وسيطر تماما علي الحكم في مصر وصلح احوالها محسنا التصرف في مقاليد الحكم وشعورا
بثقل المسئوليه لتصير شجره الدر بعد ان تزوجها زواجا شرعيا صاحبه الكلمه العليا في كل
شئون الدوله وشعرت بالحظ وقد احاطها بكل ما تبتغيه فقد انعمت بما اوتيت من جاه
ونفوذ وسلطان وحكم وزوج وولد لتفاجا بصدمه عنيفه بموت ولدها خليل ويهتز عرشها في احداث
داخليه وخارجيه ولم يمهلها القدر لتستجمع قواها بعد وفاته لتحدث الصدمه الكبري بوفاه زوجها نجم
الدين عام647 هجريه( عام1249 ميلاديه).
وقد كان هول الصدمه في وفاه نجم الدين يتمثل في ان وفاته واكبت المعارك المشتعله
بين المصريين والصليبيين الذين كان يقودهم لويس التاسع ملك فرنسا الذي كان يتهب للزحف بجيوشه
الفرنسيه الي القاهره عن طريق المنصوره بعد نزوله مدينه دمياط في الخامس من شهر يونيو
عام1249 وبحنكه وذكاء وحكمه وشجاعه اخفت شجره الدر وفاه زوجها عن الجميع الا اقرب الناس
اليها,الحاقده عليها مرجانه والتي انتهزت الفرصه للقيام بدورها في التخطيط والانتقام من سيدتها حيث ذكرتها
بنها هي التي تنبت بجلوسها علي العرش واستئثارها بالحكم وحدها لترد عليها شجره الدر: وهل
في هذه المسئوليه الجسيمه ما يجلب في السعاده؟ وبذكاء التقطت مرجانه خيط المشكله التي تشغل
بال سيدتها وهو غياث الدين توارنشاه ابن نجم الدين من زوجته السابقه ويقنت انها المشكله
الكبري التي ستواجهها,وانتهزت الفرصه لتقول لها:ن غياث الدين توارنشاه هو العقبه الكبري امام طموحاتنا,وقد تشاء
الظروف بن تبعده عن طريقك كما حدث مع عمه وبيه وضافت: وليتك تعتمدين علي في
مثل هذه المور! وقد كانت شجره الدر لا تخفي صغيره ولا كبيره عنها وزادت ثقتها
بها وهي التي تتفجر حقدا عليها!.
خفت شجره الدر نبا وفاه زوجها نجم الدين عن الجيش والشعب المصري وهو مارفع من
شنها وقدرها لديه حيث واصلت بمفردها التصرف في امور البلاد استعانت خلالها بالمقربين اليها,المخلصين لها
وركزت جهودها علي صد الخطر الصليبي القادم من شمال البلاد وقد ارسلت رسلها في طلب
وحضور المير توارنشاه من الشام فورا واستغرقت الرحله ذهابا ويابا ثلاثه اشهر حافظت فيها شجره
الدر علي السر الخطير كانت تصدر القرارات والمراسيم والتعليمات والوامر مذيله بخاتم الملك الصالح نجم
الدين متعلله بمرضه وملازمته الفراش وقد احرزت انتصارات باهره علي الجيوش الفرنسيه واوقفت زحفهم وتفرقت
كتائبهم مع انتفاضه الشعب بكل طاقته وموارده وطبقاته حتي وصول غياث الدين الذي تفرغ لقياده
الجيش ضد الصليبيين بعد ان اعلن خبر وفاه والده نجم الدين وتنصيب نفسه ملكا علي
مصر والشام بعد ان اعادت اليه شجره الدر مقاليد الحكم وتبعات الملك وذلك في نهايه
عام647 الهجري وخلال اسبوعين وبعد تفرغ غياث الدين لقياده الجيش انزل بالصليبيين كارثه مروعه وسحق
جيشهم في المنصوره ووقع الملك لويس التاسع اسيرا في ايدي المصريين الذين اقتادوه الي دار
ابن لقمان حيث اتخذوه سجنا له لتعم البلاد افراح الانتصار ومجاد السياده والكرامه وعوده الثقه
والتفاني بحب الوطن.
لقد اثر هذا الانتصار علي توارنشاه وصابه بنشوه التعالي والخيلاء ليعامل شجره الدر بخشونه وقسوه
وجفاء لم تتعوده وتعالي علي المراء المخلصين الذين حافظوا علي عرش البلاد بعد وفاه ابيه
وقبل وصوله وقام بابعادهم وطلب من شجره الدر ماتبقي من ثروه ابيه وقد انعكس هذا
التعامل بردود فعل غاضبه لتحاك المؤامرات ضده بالردع والانتقام منه بعد ان استفز مماليك البحريه
ليحاول توارنشاه الفرار بعد ان ضربه بيبرس البندقداري بالسيف فقطع يده وادركه المنتقمون في وسط
النيل ليجهزوا عليه وذلك في شهر المحرم من عام648 هجريه بعد خمسه اسابيع من مبايعته
ملكا ولقيت جثته في العراء ثلاثه ايام ولا يعرف احد اين دفنت لتنقرض اسره اليوبيين
في مصر ويخلو العرش رسميا لشجره الدر حيث بايعها المراء وكبار رجال الدوله لتكون اول
ملكه تجلس علي العرش وحدها في تاريخ السلام ولقبت بالملكه عصمه الدين والملكه ام خليل
المستعصميه نسبه الي الخليفه المستعصم ونقش اسمها علي الدراهم والدنانير وبدت في عهدها تسيير المحمل
المصري الي الحجاز والذي يحمل كسوه الكعبه الي بيت الله الحرام بالاضافه الي المؤن والموال
لهل البيت وكان اول ما تمر به عده اثواب مزركشه وقرطين من الماس ومجموعه نادره
من القباقيب مصنوعه من خشب الصندل المموه بالذهب لجاريتها مرجانه التي كانت تطلب المزيد من
هذه القباقيب في المناسبات المختلفه.
وقد جاءت ردود الفعل الغاضبه في مختلف بلاد الاسلام برفض تولي امره للعرش حيث ارسل
الخليفه المستعصم بالله العباسي يقول: ويل لبلد تحكمه امره اذا كانت مصر قد اقفرت من
الرجال فخبرونا حتي نرسل اليكم رجلا.
وبذكاء وحنكه ادركت الملكه ان المور حولها لن تستقر بدون وجود رجل بجوارها يساندها ويشاركها
السلطان والري والحكم لتتزوج من المير عز الدين ايبك التركماني الذي اتخذ من الملك المعز
لقبا له وبدا بارضاء الفئه الباقيه علي ولائها للسره اليوبيه فاختار موسي المير الصغيره من
سلاله الملك العادل ونصبه ملكا معه متخذا لقبالملك الشرف ثم زج به في السجن بعد
استقرار المور ثم قتله ليصفوا الجو له مع شجره الدر ليتمكن من توطيد ملكه وعرشه
خصوصا ون زوجته الملكه قد بلغت الخمسين من عمرها مما سيمكنه من بسط نفوذه وسلطانه
ليكون صاحب الكلمه العليا وخذ يخطط في مستقبل ذلك كله ومن يورث العرش خصوصا ون
شجره الدر لن تستطيع الانجاب وابنها من الملك الصالح نجم الدين مات صغيرا فيحين ان
جاريته قد انجبت له نور الدين علي وزاد طموحه ليرسل الي بدر الدين لؤلو حاكم
الموصل يطلب منه ان يزوجه بابنته لتسوء علاقته بشجره الدروغضبت اشد الغضب بعد علمها انه
ينوي استقبال العروس الجديده في قصر القلعه ثم دار الوزاره بالقاهره.
من خلال مرجانه وقيادتها لمجموعه من الخدم علمت بكل مايدور من احداث لتسعي الي الوقيعه
بين الزوجين الذين عاشا سبع سنوات في شقاق وخلافات ونجحت في اشعال الفتنه لتوعز الي
شجره الدر بن زوجها عز الدين يخطط لاغتيالها وساق فكر الملكه لن تقضي عليه عن
طريق غلمانها فنفذوا اوامرها بذلك علي مري منها,ويذكر المؤرخون انها بدت اغتياله بضربه القبقاب الولي
علي رسه وتوالت ضربات الغلمان حتي اجهزوا عليه.
هب انصار عز الدين ايبك من المماليك ثائرين لهذه الجريمه البشعه ليهاجموا قصر الملكه ليقتادوها
الي احد ابراج القلعه سجينه مجرده من سلطانها ونفوذها بعد ان فتكوا بالغلمان والحاشيه من
الخدم والعبيد ثم نادوا بالطفل نور الدين علي ابن عزالدين ايبك ملكا علي مصر والشام
ملقبينه باسمالملك المنصور وهو مالم تذعن له شجره الدر ولا للحداث المروعه التي حاقت بها
واردات ان تفتك بهم وتغرقهم في بحور الدماء فاستجمعت من بقي من انصارها وحثتهم علي
قتل هذا الطفل ومه ثم المماليك المعزيه فيهما بعد ذلك.
وصلت هذه النباء الي مسامع مرجانه لتواتيها الفرصه وتحقق رغبتها المكتومه المتمثله في حسدها وحقدها
الدفين علي شجره الدر التي فضلها سيدها نجم الدين عليها لتقوم بنقل هذه النباء الي
ام نور الدين التي اجتمع معها المماليك ورجتهم ان يقتلوا غريمتها شجره الدر.
بعد قتل المعز بيام اقتاد المماليك شجره الدر الي غريمتها ام نور الدين الملك المنصور
لتشير الي جواريها بعد ان مثلت امامها ليثبوا عليها ويبرحانها ضربا بالقباقيب تتقدمهم مرجانه متحينه
الفرصه في الانتقام الذي اضمرته بعد تلك العوام الطويله التي عاشتها معها توهمها باخلاصها وحبها
وولائها لها وتقول روايه اخري ان ام علي زوجه المعز الولي حرضت ابنها عليا علي
قتلها انتقاما لبيه.
ولفظت شجره الدر اخر انفاسها في هذا المشهد المروع ليسدل الستار علي اول ملكه في
الاسلام حكمت مصر ثمانيه عشر عاما بذكائها وكذلك قوتها وتسلطها وعنفوانها والذي فشلت في التوفيق
بين هذه الصفات مع نعومه ورقه طبيعتها النثويه
- شجرة الدر
- المشكله شجره الدر
- شجرة الدر و مرجانة
- صور نقش للسره