بحر الروم
سمي العرب قديما البحر البيض المتوسط بحر الروم وهو متصل بالمحيط الطلسي وهو شبه محاط
تماما بالبر حيث ان احدي الدول المحيطه به دوله لبنان
بحر الروم اسم اطلقه العرب على البحر المتوسط .ذلك ان العرب حين حملوا رايه السلام
واخذوا يفسحون لنفسهم في ظل هذا الدين الجديد مكانا فى عالم القرن السابع الميلادي كان
البحر المتوسط بحيره داخله فى النطاق السياسي والحضارى للعالم الروماني .
ولم يفقد هذا البحر طابعه الروماني برغم القوي التي شهدها هذا البحر قبل السلام وظل
الطابع اللاتيني غالبا على البلاد المحيطه ببحر الروم وساد الموانئ الواقعه عليه طابع متشابهه حتى
كان المسافر يتنقل بين موانئ هذا البحر دون ان يشعر بابتعاده عن الجو العام الذى
عاش فيه ولفه . وفضلا عن ذلك سياده اساطيل الروم واضحه فى هذا البحر حتى
ظهر السلام وحمله العرب الى البلاد المطله على هذا البحر سواء في حوضه الشرقي او
الغربي .
ودخل بحر الروم فى مرحله جديده من تاريخه الطويل باستيلاء العرب المسلمين على بلاد الشام
سنه 636 م واستمر الاندفاع السلامي نحو شواطئ بحر الروم على صور متصله النشاط والقوه
وصارت مصر قطب الرحى فيه والقاعده التي تشد من ازر هذا النشاط . فقد اتم
العرب فتح مصر سنه 22 ه / 642 م باستيلائهم على السكندريه وصارت مصر القاعده
التى انطلق منها العرب المسلمون على سواحل بحر الروم غربا فى عنف وصبر واحتمال مدى
سبعين سنه وصلوا عند نهايتها الى مدينه سبته سنه 91 ه /709 م .
وكان معاويه بن ابي سفيان اول من وضع سياسه العرب البحريه وذلك بمعاونه والى مصر
اذ ذاك وهو عبد الله بن سعد بن ابي سرح اذ كان هذا الوالى من
المتحمسين لبناء اسطول عرف فى بحر الروم ومن ثم وضع موارد مصر البحريه ورجالها فى
خدمه معاويه والمساهمه معه فى سائر الحملات البحريه التى اعدها ضد الروم فى ذلك البحر
الهام وبلغ من ايمان والى مصر بهميه الصراع فى بحر الروم انه خرج بنفسه على
رس اساطيل مصر ليضرب المثل العلى لسكان ولايته على تفانيه فى نصره البحريه العربيه .
وتعتبر مجهودات عبد الله بن ابي سرح الخطوه الايجابيه فى دعم سلطان العرب على بحر
الروم فذا كان معاويه قد نفذ الخطوات العمليه من حيث ركوب بحر الروم فن عبد
الله بن سعد هو الذى بدا بناء السفن الولى التى كونت نواه الاساطيل العربيه فى
بحر الروم . ذلك ان مصر كانت ايام تبعيتها للروم وقبل استيلاء العرب عليها مشهوره
بمهره صناع السفن بها وكثره دور الصناعه التى اخرجت العداد الوافره من سفن الروم ومن
ثم تابع عبد الله بن سعد نشاط مصر البحرى ولكن فى سبيل خدمه السلطان العربي
وكان خير مثل لمجهودات مصر المبكره فى دعم سياده المسلمين على بحر الروم هو ”
معركه ذات الصوارى ” التى اشتبكت فيها اساطيل مصر مع اساطيل الشام بقياده والى مصر
نفسه عبد الله بن سعد ضد سفن الروم الحربيه سنه 34 ه /655 م .
وكان انتصار المسلمين فى تلك المعركه هو الحجر الساسى لبناء سلطات العرب فى بحر الروم
وبدايه انتزاع صفه الروم التى لصقت به طوال القرون الطويله الماضيه .
واقترن بهذا النشاط البحرى المصرى زمن عبد الله بن سعد الاهتمام ايضا بتحصين السواحل المطله
على هذا البحر وهى نفس السياسه التى اتبعها معاويه فى سواحل بلاد الشام . فاعتنت
السلطات السلاميه فى مصر بترميم حصون السكندريه والمدن الساحليه مثل تنيس ودمياط والبرلس ورشيد وثغور
بنطابلس (المدائن الخمس ) وهى التى تسمى اليوم بقليم برقه . وتم استكمال خط الدفاع
المصرى على بحر الروم حين اقامت السلطات السلاميه “المناظر” وهو نظام مقتبس عن الروم عباره
عن ارسال اشارات ” المواقيد” التى تتوالى على الساحل من موقد الى موقد بقصد تنبيه
الحارس الى الخطار القادمه من ناحيه البحر و اعداد وسائل الدفاع فى سرعه والمبادره لصد
العدو .
وزاد نشاط مصر فى بحر الروم بقيام الدوله المويه وانتقال حاضره الدوله السلاميه من المدينه
المنوره الى دمشق . اذ رى المويون ان افضل السبل لتحقيق سياستهم فى بحر الروم
والقضاء على سلطان الروم على مياهه هو الاعتماد على موارد مصر البحريه . واصبح العصر
الموى هو عصر تعريف الدوله السلاميه بعالم بحر الروم وتحويل صبغته القديمه بما يهيئ للمسلمين
سياده هذا البحر الهام . وظلت مصر مركزا رئيسيا لصناعه السفن وسهم ابناؤها فى الغارات
السلاميه المتواصله على الروم وانتزاع قواعدهم بالجزر المنتشره فى شرق ” بحر الروم” .
