اثمن ما في الوجود هو الوطن، الذي يضحي الانسان بحياته دفاعا عن ترابه المقدس، لانه
يستمد منه انتمائه وكيانه الانساني؛ واصعب شيء على النفس البشريه ان تكتب عن شيء ضاع
منها، وضع العديد من الاحتمالات عن ملامح مكان وجوده في زمان معين اعتمادا على الذاكره،
والذاكره مهما حاول الانسان الاعتماد على الدقه والامانه تبقى خداعه. فالذاكره احيانا لا تقول الاشياء
التي تعيها، والمكان في حالات كثيره ليس حيزا جغرافيا فقط، فهو ايضا البشر في زمن
معين لتكشف العلاقه الجدليه بين عناصر متعدده، متشابكه ومتفاعله، وهي في حركه دائمه وتغير مستمر،
وكيفيه النظر اليها من اي زاويه وفي اي وقت وبايه عواطف وان تبحث عمن تحب،
وكيف اذا كان ذلك هو الوطن؟، حين تكون بعيدا او مبعدا عنه الذي تمتع الانسان
بالنظر والعيش بين مناظره الطبيعيه الخلابه، وسمائه، وغيومه، شمسه، قمره، سهوله، طيوره، اشجاره، وزهوره مباركه
لهذا الجمال، وكما يقول الاباء جوهره ناندر؛ فهو لا يقتصر على طيب هوائه ومائه ولا
يتوقف يوما واحدا في السنه، ولا عن روعه الليل فيه. في الوطن ثمره اللذيذ واهله
البسطاء، وكرمهم الوفير، وما ادراك اذا كان مسقط الراس الذي ترعرع فيه وتربى فوق ترابه
وارتوى وتنفس من هوائه وتدثر بسمائه وذاق حلاوه السعاده ليصبح رمزا لكل ما مضى، وقد
طرد منه ولا يسمح له بالعوده ثانيه؛ وما عليه الا ان يفتش عنه في دفاتر
الزمن وازقه الذاكره، او ممن تبقوا من الذين عاصروه لاظهار هويته الوطنيه والتاريخيه، بهدف احياء
الجذور للحيلوله دون طمسها او استبدالها. بذلك تبقى كافه مدن الوطن وقراها وشوارعها، تاريخا وحضاره
ونضالا وتراثا مهما في عقول كل ساكنيه جسدا وروحا؛ تتجسد معالمها وتضاريسها ومبانيها وطبيعتها في
العيون لكل الاجيال القادمه، وبذكراها العطره التي تهب بر الاثير ببيارات برتقالها وبساتين فواكهها وازهار
ربيعها التي يندر وجودها في اماكن اخرى كي نسجلها للاجيال القادمه ليتشرف ترابها فيزداد التصاقا
بها، حتى يكون حافزا لها على ان يحثهم ويحفزهم ليعملو للعوده الى هذا الوطن. ان
تدوين التاريخ شيء مهم في الكتابه عن البلد الذي يحبه، فانت تقوم بتحويل الاحجاز والازهار
والناس والماء والهواء الى كلمات، لكن الكلمات نفسها مهما كانت متقنه لرسم اللوحات التي تتخيلها
من امكنه وازمنه مضت او ما زالت، فهي لا تتعدى ان تكون ظلالا باهته مهما
وعت الذاكره لحياه كانت اغنى واكثر جمالا وكثافه، ومليئه بالتفاصيل التي يصعب استعادتها مره اخرى
في ذاكره الاجيال الجديده، الا ان عظمه الاوطان تقاس بغظمه تاريخها الذي تصنعه العقول، وعرق
ابنائه وسواعدهم. واخيرا ان من لا يملك انتماء للارض التي ربى عليها اباوه واجداده وهو
نفسه، لا يملك الحق لان يحمل جنسيتها وياكل من خيراتها ويعيش على ارضها وبين اهلها
وينال من رزقها.
اقرا المزيد على موضوع.كوم: http://mawdoo3.com/%D8%A8%D8%AD%D8%AB_%D8%B9%D9%86_%D8%AD%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86
- بحث 2 اعدادي عن حب الوطن