بر الوالدين قال تعالى: (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك
الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض
لهما جناح الذل من الرحمه وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). عن ابي عبد الرحمن
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سالت النبي صلى الله عليه وسلم:
اي العمل احب الى الله تعالى؟ قال: الصلاه على وقتها، قلت: ثم اي ؟ قال:
بر الوالدين قلت: ثم اي؟ قال: الجهاد في سبيل الله (متفق عليه)، لقد اوصانا الله
ورسوله الكريم على طاعه والدينا والعطف عليهم لانهم عانوا معنا كثيرا حتى اصبحنا بهذا العمر
فلولا تربيتهم لنا وعطفهم علينا لما وصلنا لهذه المرحله التي نحن بها الان . فقد
جاء دورنا الان لكي نجزيهم العرفان الذي قدموه لنا منذ صغرنا، قال تعالى في كتابه:
(وقضىٰ ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا). ان للوالدين مقاما وشانا يعجز الانسان عن
دركه، ومهما جهد القلم في احصاء فضلهما فانه يبقى قاصرا منحسرا عن تصوير جلالهما وحقهما
على الابناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم، حيث
انهما بذلا كل ما امكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعايه ابنائهما وتربيتهم، وتحملا في سبيل
ذلك اشد المتاعب والصعاب والارهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص ان يعطيه بالمستوى
الذي يعطيه الوالدان. اعتبر الاسلام عطاءهما عملا جليلا مقدسا استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل واوجب
لهما حقوقا على الابناء لم يوجبها لاحد على احد اطلاقا، حتى ان الله تعالى قرن
طاعتهما والاحسان اليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر فقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين
احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما
ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا)؛ لان الفضل على الانسان بعد
الله هو للوالدين، والشكر على الرعايه والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، (ووصينا الانسان
بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما الي مرجعكم
فانبئكم بما كنتم تعملون)، وقد اعتبر القران العقوق للوالدين والخروج عن طاعتهما ومرضاتهما معصيه وتجبرا
حيث جاء ذكر يحيى ابن زكريا بالقول: (وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا). الطاعه لقد
رسم الله تعالى للانسان حدود الطاعه لوالديه عندما قرن عبادته وتوحيده وتنزيهه عن الشرك بالاحسان
اليهما والطاعه لهما، وقد جعل رضاه من رضاهما، ووصل طاعته بطاعتهما فقال عز من قائل:
(واخفض لهما جناح الذل من الرحمه وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، والى ذلك اشار
النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى
عنه سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله اي العمل
افضل قال الصلاه على ميقاتها قلت : ثم اي قال ثم بر الوالدين قلت :
ثم اي قال الجهاد في سبيل الله فسكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولو استزدته لزادني. وفي المقابل بين الله تعالى الحد الذي تقف عنده طاعه الوالدين في
اياته الكريمه: (وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من اناب الي ثم الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم
تعملون)، فعندما يصل الامر الى معصيه الله والشرك به يتوقف الانسان عند هذا الحد فلا
يطيعهما فيما امرا لانه بحسب الحديث: (لا طاعه لمخلوق في معصيه الخالق)، ولكن هذا الامر
متوقف فقط على ما يشكل معصيه الله دون باقي الامور لان سياق الايه يستمر بالتوضيح:
(وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فلا يعصيهما في باقي الامور، وفي كلام لجابر قال: سمعت رجلا
يقول لابي عبد الله: (ان لي ابوين مخالفين فقال: برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا)،
فطاعه الوالدين وبرهما واجب سواء كانا مومنين ام لا.